الأربعاء، 5 ديسمبر 2012

جمر الصراع تحت الهدوء الخادع في البحرين

توقف عملية الترويج لولي العهد البحريني في الغرب كرجل إصلاحي تقدمي
لا ينكر مراقبون تمكُّـن السلطات البحرينية بمؤازرة خليجية من تجاوز الأسوإ في موجة الاضطرابات، على الأقل من زاوية أمنية، لكنهم بالمقابل ينبّهون إلى وجود مشاكل أعمق في البلاد تحاول السلطات التغطية عليها أو معالجتها بشكل سطحي لا ينفذ إلى جوهرها وبالتالي لا يحسمها.

المنامة- أوحى تصريح لوزير الدفاع البحريني الفريق محمد بن عبدالله آل خليفة بأن بلاده تفادت عثرة الأشهر الماضية، وتجاوزت مرحلة الاضطراب وسلكت طريقها في هدوء ووفاق.

غير أن مراقبين يعتبرون ذلك أمرا نسبيا، إذ لا ينكرون تمكن السلطات البحرينية بمؤازرة خليجية من تجاوز الأسوإ في موجة الاضطرابات، على الأقل من زاوية أمنية، لكنهم بالمقابل ينبّهون إلى وجود مشاكل أعمق في البلاد تحاول السلطات التغطية عليها أو معالجتها بشكل سطحي لا ينفذ إلى جوهرها وبالتالي لا يحسمها.

وتمس أخطر المشاكل في البحرين، بحسب مراقبين مطلعين على خبايا الوضع بالبلاد، مؤسسة الحكم ذاتها، حيث يؤكد هؤلاء وجود تيارين متضادين داخل تلك المؤسسة يشكلان وجهتي نظر متناقضتين بشأن القضايا الراهنة وسبل حلها بما في ذلك قضية الساعة بالبلاد وهي الاضطرابات التي تسببها احتجاجات الشيعة.

ويذهب هؤلاء المراقبون حد الشكّ في أن مسيرة تهميش ولي العهد البحريني بدأت على خلفية أفكاره الإصلاحية، متسائلين إن كانت الأمور ستصل حد التغيير في ولاية العهد.

ومأتى هذا التساؤل معلومات عن وجود تيار داخل العائلة البحرينية المالكة يمثله ولي العهد الابن الأكبر للملك الأمير سلمان "43 عاما"، ويمكن نعته بالتقدمي والمنفتح والإصلاحي–أو هكذا يحاول تقديم نفسه للغرب الناقد للكثير من السياسات البحرينية، وخصوصا في مجال حقوق الإنسان- وهو على العموم تيار ينظر باعتدال إلى مختلف المسائل بما فيها مسألة الاحتجاجات، ولا يرى لها حلا أمنيا بل يريد الدفع بحل عبر الحوار والاعتراف ببعض مطالب المحتجين والتنازل لهم في بعض الجوانب.

كما يعترف هذا التيار بوجود هنات ونقائص سياسية تتطلب الإصلاح.

وحتى اقتصاديا وتنمويا –يقول المراقبون- يمتلك ولي العهد البحريني منظورا للإصلاح حاول تجسيده عبر مجلس التنمية الاقتصادية الذي يرأسه.

وبمقابل التيار الإصلاحي لولي العهد البحريني، يوجد حسب المراقبين تيار "محافظ" بزعامة أخيه الأصغر غير الشقيق ناصر "25 عاما" وهو الأقرب إلى وجهة النظر السائدة داخل العائلة ويحظى بتأييد غالبية أفرادها.

ويعتبر هذا التيار المملكة على الطريق الصحيح، ويرى في دعوات الإصلاح محاولة اختراق لمؤسسة الملك ومقدمة لضياعها. وفي ظل هذا المنظور يتم تقييم موجة الاحتجاجات التي عرفتها البلاد على مدار الأشهر الماضية، وتوصيفها باعتبارها ذات طابع طائفي شيعي وأن الغاية منها الإطاحة بعرش السنّة.

ويؤكد المراقبون أن هذا التيار هو الذي وقف وراء التركيز على الحل الأمني للاحتجاجات، وعدم الاعتراف بأية شرعية لمطالب المحتجين.

ويقول مطلعون على الشأن البحريني أن اتهامات صريحة دارت داخل أروقة صنع القرار في البحرين، موجهة لدعاة الحل الأمني بالمسؤولية عن التحول التدريجي للاحتجاجات إلى أعمال عنف وتفجيرات.

كما اتهم أصحاب هذا الحل بتشويه سمعة البلاد لدى الدوائر السياسية الغربية والمنظمات الحقوقية التي لا تستطيع غض الطرف إلى ما لا نهاية إذا وصلت الانتهاكات حدا معينا.

وفي تقييمهم للوضع في البحرين يقول ملاحظون إن المشكلة لا تكمن في وجود تيارين متنافسين داخل مؤسسة الملك البحيرينية، ولكن في النتائج المترتبة عمليا عن ذلك.

ويشرح هؤلاء بأن الحظوة التي يتمتع بها الابن الأصغر ناصر داخل الأسرة وفي دوائر نافذة بالحكومة على حساب أخيه ولي العهد الأمير سلمان، جعلت الأخير ينعزل وينكفئ فاقدا الدعم والحماس لعديد المشاريع الإصلاحية والتطويرية التي سبق وتحدثت عنها وسائل إعلام موالية له، فيما صعود نجم أخيه أبطأ عملية التطوير والإصلاح في المملكة التي بدا في فترات سابقة أن السير فيها أصبح من المسلمات التي لا تراجع عنها.

ويضرب المراقبون مثالا عمليا على ذلك بما آل إليه مجلس التنمية الاقتصادية الذي يرأسه ولي العهد الأمير سلمان، والذي كان تركيز الإعلام عليه شديدا باعتباره آلية دفع غير مسبوقة للتنمية ستكون لها انعكاسات اجتماعية كبيرة. لكن المجلس –حسب تأكيد المراقبين- فقد اليوم بريقه ولم يعد يستهوي وسائل الإعلام، بل إنه بدأ يتفكك بنقل ألمع موظفيه إلى مناصب أخرى.

وفي السياق التنموي، ذاته، يقول ملاحظون إن التنمية في البحرين تشهد جمودا بفتور الحماس لها، والذي كان يحركه ولي العهد، ومن ثم لم تلب المطالب العاجلة للمناطق والأحياء الفقيرة والمهمشة في البلاد، والتي نصح الاخصائيون بالاستجابة لها في إطار التصدي لموجة الاحتجاج. بل يذهب هؤلاء إلى أن البطء في معالجة شواغل الشباب البحريني وعلى رأسها توفير مواطن الشغل، هو ما يجعل الاحتجاجات تجد جمهورا لها بين الشباب البحريني سنة وشيعة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق