رغم مزاحمة الأخبار والموضوعات في الصحف المصرية الصادرة
امس بعضها البعض في الأهمية, ففي رأيي أن أهمها على الإطلاق خبر سفر عصام
الحداد مساعد الرئيس للشؤون الخارجية والتعاون الدولي, وخالد القزاز
سكرتيره الى الإمارات العربية, لبحث مشكلة المصريين المحتجزين على ذمة
انتمائهم للإخوان المسلمين, وفي نفس الوقت سفر رئيس جهاز المخابرات العامة
اللواء محمد رأفت شحاته لبحث نفس المشكلة مع المسؤولين هناك, ولا أعرف ما
الحكمة في ذلك, فأما أن يسافر الحداد, أو شحاته ما دام الهدف واحدا, اللهم
إلا إذا كان الهدف, أن يراقب الحداد شحاته لعدم ثقة الإخوان في المخابرات
ومحاولاتها المعلنة والمكشوفة اختراقها وهدمها, أو تصميم المخابرات ان تعرف
من المسؤولين في الإمارات حقيقة هذه الخلية الإخوانية حسب اتهاماتها لها.
وأما الموضوع الآخر الذي يستحوذ على الاهتمام فهو ضعف الجنيه امام الدولار، وأثار ذلك على ارتفاع أسعار جميع السلع, ومحاولة الحكومة والإخوان طمأنة الناس حول تراجع سعر الدولار, بعد طرح البنك المركزي كميات منه في السوق, بينما المشكلة اكبر من ذلك, والدليل زميلنا الرسام النابه بجريدة 'روزاليوسف' أنور, والذي يقدم رسومه في الصباح, أخبرنا انه يراقب محلات الصرافة فشاهد طفلا يبكي ووالده يهدده بالقول: عليا النعمة لو ما بطلت زن لاخش أبدلك بعشرة دولارات انت كمان.
والخبر الثالث في الأهمية رغم عدم إبرازه هو قيام المهندس وعضو مجلس الشعب السابق حمدي الفخراني برفع دعوى قضائية امام مجلس الدولة ضد رئيس الجمهورية, لامتناعه عن الأمر بغلق الملاهي الليلية ومحلات بيع الخمور لمخالفتها للشريعة الإسلامية, كما رفع دعوى أخرى بالمشاركة المحامي وائل حمدي, ضد الرئيس لعدم إصداره قرارا بمنع البنوك من تحصيل فوائد على القروض ومنعها من صرف فوائد على الودائع لأنها ربا - والعياذ بالله -.
ايضا أشارت الصحف إلى إعلان مجلس الشورى براءته من تقديم مشروع الصكوك الإسلامية، وكان حزب الإخوان قد تبرأ من ذلك واتهم الحكومة, وذلك بعد رفض الأزهر له, بينما الحكومة إخوانية ورئيسها إخواني, ورئيس الجمهورية إخواني.
وإلى قليل من كثير عندنا:
فضل الرئيس على الاخوان كبير جدا
ونبدأ بالمعارك الدائرة حول الرئيس بسبب سياساته وتصريحاته, ومؤتمراته, واجتماعاته, خاصة اجتماعه يوم الاثنين مع عدد من الإعلاميين المصريين والعرب, وحضره زميلنا محمد حسن البنا رئيس تحرير 'الأخبار', وقال عنه يوم الثلاثاء: انك أمام شخصية متفردة جاءت من طين مصر, والتحقت بمدارسها الحكومية العادية, وواصلت تعليمها في بعثة وطنية حتى حصلت على أعلى الشهادات الدراسية, وكان للشخصية باع كبير في العمل التنظيمي والسياسي من خلال تمثيل جماعة الإخوان المسلمين التي أعطاها الشعب الشرعية الرسمية منذ ثورة 25 يناير المجيدة لدورها في تقديم الشهداء والدعم والحماية للثورة, حتى أضفت عليها الشرعية بدلا مما كان يطلق عليها لفظ 'المحظورة' في العهد السابق, وكانت للرئيس مرسي إسهامات في إبراز دور جماعة الإخوان المسلمين الإصلاحي والتنويري كجماعة إسلامية وسطية لا تخرج عن عباءة الأزهر الشريف, وكان الدكتور مرسي عضوا بالبرلمان, صال وجال وقدم أفضل الاستجوابات في تاريخ البرلمان عندما احترق قطار الصعيد وراح ضحيته المئات من ركابه، وانتقد أداء الحكومة بشدة في وقت لم يكن لأحد أن يجرؤ ويتحدث عن حكومة الحزب الوطني, وما تحمله من أسواط تلهب بها ظهور من يعارضها.
المهم في ذلك أن الرئيس مرسي لم يأت من فراغ بل أتى إلى سدة الحكم ليقول للعالم أجمع 'اليوم مصر يحكمها وطني مصري' هذه الشخصية المتواضعة كنت على موعد معها ليومين متتاليين, الأول كان تحت قبة برلمان مصر المنتخب حيث شاهدته واستمعت إلى خطابه الذي سرى في وجدان الناس برسالة طمأنة وتفاؤل وأمل في مستقبل كريم لنا ولبلدنا نصنعه بأيدينا عنوانه 'العمل والانتاج' اللقاء الثاني وكان في اليوم التالي مساء أمس الأول بصحبة كوكبة من رموز الإعلام والصحافة العربية.
'الأخبار' تقدم رواية
خاطئة عن مرسي البرلماني
وأنا هنا لا يعنيني رأيه في الرئيس وإشادته به فهذا رأيه لكن الذي يدهشني هو جرأته بعد ذلك وهو ينظر في عيون زملائه بالجريدة, بعد أن أهانهم بقوله أن مرسي عندما كان عضوا في مجلس الشعب انتقد أداء حكومة الحزب الوطني وقدم أفضل الاستجوابات عندما احترق قطار الصعيد في وقت لم يكن يجرؤ ويتحدث عن حكومة الحزب الوطني, وما تحمله من أسواط تلهب بها ظهور من يعارضها.
صحيح, كيف يتجرأ وينظر في عيون زملائه في اجتماعات التحرير كل يوم وكيف يتحمل نظراتهم إليه, لأن ما قاله ليس نفاقا من النوع ثقيل الظل فقط, ولكن لأنه لجأ إلى أكاذيب غير محتملة, ذلك ان النظام أقال وقتها وزير النقل بسبب الحادثة في حكومة الدكتور عاطف عبيد.
وكانت الأخبار وغيرها من الصحف القومية التي يسيطر عليها الحزب الوطني, لا تكف عن شرشحة الحكومة والحزب, والهجوم عليهما, بل انعش ضميره بواقعة واحدة, وهي أن رئيس تحريره الأسبق وزميلنا وصديقنا جلال دويدار, كتب سلسلة مقالات ضد أقوى رجال جمال مبارك والحزب الوطني وهو أحمد عز واتهمه بالخيانة وطالب بمحاكمته وإنهاء سيطرته على صناعة الحديد, بينما هو - أي حسن البنا - لا يجرؤ أن يكتب كلمة, عن رجال أعمال وتجار الإخوان مثل خيرت الشاطر وحسن مالك, وحسين القزاز وتعيين الرئيس لهما مستشارين وحلقات وصل مع المستثمرين.
وعلى العموم, فقد نسي البنا أن يقول أن الرئيس حرم نفسه من شم طشة الملوخية، كما قال زميله ممتاز القط عندما كان رئيساً لتحرير 'أخبار اليوم' عن مبارك, المطلوب قليل من النفاق يشفي العقل, مثلما أن قليلا من الخمر يشفي المعدة.
اسعار النفط تفيد الغرب لا العرب؟
المهم انني قرأت نص الحوار الذي نشره البنا, وقدم له بهذا, اكثر من مرة ولاحظت أن الرئيس استخدم كلمة التجانس السياسي والإعلامي العربي, احدى عشرة مرة, ولا أعرف سر لحكاية التجانس دون أي إشارة الى كلمة العروبة وتعبير القومية العربية, والوحدة العربية, إنما تجانس عربي, وتجانس وتوافق عربي, واستخدم تعبير - الأمة العربية - مرة واحدة, أما العروبة والقومية, فان للإسلاميين عموما كراهية لهما, ومشروعهما ضدها.
أيضا لفت الانتباه مطالبة الرئيس ضرورة رفع سعر برميل البترول العربي إلى أربعمائة دولار, لأنه حسب قوله بالنص: زادت أسعار السلع المستوردة أكثر من أربعين ضعفاً في السنوات الأخيرة دون أن يزيد سعر برميل البترول بنفس هذه الزيادة, وكان المفروض أن يصبح سعر البرميل اليوم أربعمائة دولار, ولكن لم, ولن يحدث لأنه في مصلحة الدول الكبرى والمستهلكة للنفط الخام العربي'.
وهذا هجوم غير مباشر على منظمة أوبك, والسعودية بالتحديد, لأنها التي تحدد الأسعار وكميات الانتاج.
أحمد منصور: خطابات الرئيس
تقوم على الارتجال والعاطفة والتكرار
المهم أنه إذا كان زميلنا الإخواني حسن البنا قد انبهر بحديث الرئيس، وقال عنه ما قال, فان زميلنا الإخواني الآخر ومقدم البرامج بقناة الجزيرة أحمد منصور, وكاتب عمود يومي في جريدة مملوكة لأحد فلول نظام مبارك, وهي 'الوطن', قال يوم الأربعاء, عن الخطابات التي يلقيها الرئيس, ولا تعجبه, ومنها خطابه في تركيا الذي كان حاضرا وقتها, وأضاف: توالت أخطاء الخطابات بعد ذلك التي كانت تقوم على الارتجال والعاطفة والتكرار, ورؤساء الدول لا يرتجلون في خطاباتهم, كل الخطابات تكون مكتوبة وتقرأ من القارىء الآلي, فلا يلاحظ ذلك أحد, مثل نشرات الأخبار, وكان ينبغي للرئيس مرسي أن يدرب على القراءة على القارىء الآلي, وأن يبتعد عن الارتجال الذي أدى إلى أخطاء, ومنها خطاب الاتحادية الشهير.
أما خطابه الأخير فلم أجد أحدا من القريبين من التيار الإسلامي أو الكتاب المتوازنين قد رضي عنه, فضلا عن الهجوم الشرس من معارضيه, فالكل انتقده لا سيما وأنه جاء في لحظة تراجع فيها الجنيه كثيرا أمام الدولار, وأنا لا أعرض بذلك كما يعتقد بعض المشوشين توجيها أو رغبة في أداء أي دور سياسي, فهذا محسوم عندي ألا أكون قريباً من حاكم مهما كان رغم انني ربما أكون من أكثر الإعلاميين العرب النقاد وحوارات مع الحكام, لكن علاقتي بالجميع لا تتعدى المهنية التي اعتبرها هي بيتي الأول والأخير, ولكني أقول وجهة نظر محلل وكاتب وراصد وناقد, من أراد أن يأخذ بها, فله الشكر ومن أعرض عنها فلا يغيرني الأمر شيئاً'.
وطبعاً, وصلتني غمزته الواردة في قوله - بعض المشوشين, رغم انه السبب في إصابتنا بهذا التشوش لأننا لا نعرف له موقفا محددا من الرئيس, سوى القاسم المشترك الذي يمكن بسهولة على أي صحافي محترف اكتشافه وهو عدم الاستعانة به في هيئة المستشارين, واعتقاده انه أحق منهم وأجدر, بسبب خبراته الإعلامية, وهو ما فشل في إخفائه بإثارة اهتمام الرئيس بأنه يمكن أن يتولى تدريبه على القارىء الآلي, وأنه يقدم الاستشارات فعلا في عموده بجريدة الفلول, فان أراد الرئيس أن يأخذ بها فله الشكر, وإذا لم تعجبه فلن يخسر شيئاً.
وما لا يريد منصور أن يفهمه أن الرئيس وقيادات الجماعة لا تريده مستشارا, وإنما لمهمة أخرى, وعليه أن يتوقف عن محاولاته مع الرئيس, بعد أن هاجمه مرات عديدة بطريقة ليس فيها حسن نية.
مرسي: أنا مش قصير
ولجلج أنا طويل وأبلج!
ونترك خلافات المناصب في الرئاسة بين الإخوان لنتحول إلى 'الشروق' في نفس اليوم لنكون مع زميلنا وصديقنا بلال فضل الذي عاد لكتابة صفحتي المعصرة كل أربعاء بعد توقف طويل ويرسم فقراتها زميلنا وصديقنا الموهوب عمرو سليم, ففي فقرة - قلمين - خاض فيها بلال تسعة وعشرين معركة, اخترنا منها سبع هي: دون إشارة إلى القارىء الآلي:
- تسألني ما الذي فهمته من البيان الذي ألقاه الدكتور محمد مرسي أمام مجلس شوراه الإخواني, سأقول لك ببساطة, فهمت البيان كالتالي, الاقتصاد حديد, الاقتصاد كويس, الاقتصاد تمام, أنا مش قصير ولجلج أنا طويل وأبلج.
- لو عاد عصر الألقاب التي يتم إطلاقها على الحكام والسلاطين لاستحق الدكتور محمد مرسي عن جدارة لقب السلطان محمد مرسي المتلجلج بأمر الله.
- مصادر مطلعة كشفت ان التحاليل الطبية المتقدمة اثبتت عدم وجود أمراض خطيرة معروفة لدى الرئيس وأن سر كل أعراض التخبط والارتباط السياسي التي ظهرت عليه في الفترة الأخيرة, هو اكتشاف التحاليل أن عنده إخوان في الدم.
- كل الشواهد العلمية تؤكد أن خطابات الرئيس مرسي مؤثرة على قدرة المصريين الانجابية, واعتقد جازماً أنه لو استمرت إذاعتها كل ليلة خميس ستحل مصر المشكلة السكانية خلال عام.
- القيادي السلفي سعيد عبدالعظيم قال ان محمد مرسي آية من آيات الله, لا أظن أنه كان سيقول ذلك لو أن أحدا قام بتذكيره بأن الله عز وجل سبق وأن أرسل إلى مصر أيام سيدنا موسى آيات منه, من بينها الجراد.
- الشيخ عبدالرحمن يعقوب طالب المصريين بأن ينادوا الرئيس محمد مرسي بفخامتك ومعاليك لأن الرسول عليه الصلاة والسلام طلب أن تنادي الناس بأحب ألقابهم وأنا امتثالا لهذه الفتوى سأنادي الدكتور محمد مرسي بأحب ألقابه الى نفسي, الاستبن.
- بعد أن قال أحد شيوخ السلفيين ان الرئيس محمد مرسي مختطف من عهد الصحابة, كل ما نتمناه أن يفك الله خطب الرئيس محمد مرسي ويعيده ثانية إلى عهد الصحابة بعيدا عنا'.
الاخوان تأذوا اذى لم
ينزل إلا بالأنبياء والرسل
ومن معارك الرئيس إلى معارك الإخوان أنفسهم, حيث سمعت نحيباً وبكاء صادرا من الصفحة الأخيرة بجريدة 'الحرية والعدالة' يوم الخميس قبل الماضي, وأدركت على الفور أنه صوت عضو مكتب الارشاد السابق الشيخ محمد عبدالله الخطيب دون أن أرى صورته وأقرأ اسمه بسبب كثرة اعتياد أذني عليه, وقال كعادته في مثل هذه المناحات, عما يلاقيه الإخوان الآن: أيها الإخوة, أيها العاملون للإسلام هل قرأتم في التاريخ على طوله وعرضه أن جماعة مؤمنة نذرت نفسها لخدمة دينها وأمتها ورعاية الكبير والصغير ونصيحة الأمي والمتعلم وكل ذلك لم نطلب من مخلوق جزاء ولا شكرا ثم فعل بها كما فعل بكم أو نزل بها كما نزل بكم وافترى عليها كما افترى عليكم؟!
لقد لفقت لها التهم المفضوحة وما زالت, وأوذيتم الأذى الذي لم ينزل إلا بالأنبياء والرسل عليهم أفضل الصلاة والسلام لأنكم تؤمنون بهم وتصدقون برسالاتهم وتقفون وأنتم تحملون الحق الذي حملوه وتؤدون الشعائر التي أدوها وتصيرون على الدرب الذي ساروا عليه وتؤمنون بالله ربكم وتحبون جميع الصالحين وتقدرونهم وهذا هو السر في كل ما ينزل بكم, إن كل محاولة وكل كيد وافتراء يصنعه البشر لإطفاء نور الحق أو تعطيل الإسلام لابد أنها محكوم عليها بالفشل, إننا لم نسمع يوماً أو نقرأ في تاريخ البشرية كلها أن هناك من حاول أن يطفيء نور الشمس أو يوقف مسارها ولكن قرأنا عن كثير من المحاولات لإطفاء نور الشمس أو يوقف مسارها ولكن قرأنا عن كثير من المحاولات لإطفاء نور الحقيقة رغم أن نور الحق والإيمان أقوى وأصدق من نور الشمس قال تعالى: 'يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون'.
لا حول ولا قوة إلا بالله, حتى بعد أن أصبحوا حكام البلد والمتصرفين في شؤونها يشتكون بأن الناس تضطهدهم؟ فليكن, ولكن ما حكاية رفع أنفسهم إلى مرتبة الأنبياء والتي درجوا على الاكثار من استخدامها.
وفي هذا العدد, أيضا.
تشبيه الشاطر والكتاتني بالانبياء
ومن بين اثنتي عشرة فقرة قال زميلنا الإخواني عامر شماخ في السابعة منها في 'الحرية والعدالة' يوم الأربعاء: أقول للمعارضين ناقصي المروءة الذين أغروا نساءهم وسفهاءهم بالتعدي بالألفاظ القبيحة على المهندس خيرت الشاطر في لجنته الانتخابية بمدينة نصر وعلى الدكتور سعد الكتاتني بأكتوبر, ان هذه الأفعال الصبيانية لم يعد يفعلها إنسان يعيش هذا العصر كان يفعلها قديماً, الغجر الذين لا يعرفون مفردات الحضارة, وفعلتها ثقيف الضالة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم'.
يا ألطاف الله, إخواني وله لحية لا أعرف متى أطلقها, حتى نبتت بسرعة, ويشبه خيرت الشاطر والكتاتني بالرسول صلى الله عليه وسلم؟ من تولي تربية مثل هؤلاء الناس على الإسلام داخل الجماعة؟ وإذا كان خيرت قد تم رفعه من مرتبة سيدنا يوسف عليه السلام إلى مرتبة رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم, وكذلك الكتاتني رئيس حزب الحرية والعدالة, فماذا تكون منزلة المرشد العام؟
لكن لماذا نتعجب, ألم يكن عامر شماخ هو نفسه الذي توعد الله سبحانه وتعالى إذا ادخل خالد الذكر الجنة بعد حسابه يوم القيامة؟ ولديهم الجرأة بعد ذلك على اتهام قادة جبهة الانقاذ بأنهم قادة كفار قريش.
متقولولي يا مثقفين
هو إيه معنى المدنية؟!
ونظل في هذا العدد غير المسبوق بعجائبه, لنقرأ للجميلة افنان محمد قصيدة نشرتها لها صفحة - صوتك واصل - التي يشرف عليها زميلنا محمود النجار, قالت فيها:
قالوا عليا مش مدنية لأني إسلامية
مع أني عمري ما شلت سلاح ولا حتى بندقية
متقولولي يا مثقفين هو إيه معنى المدنية
المدنية اني أكون مواطنة عادية مش عسكرية
قالوا عليا عندي أجندة خارجية
نفسي اعرف امال مين اللي شال هم القضية
وانتوا قاعدين تتنطوا في القنوات الفضائية
قالوا عليا بتاجر بالدين علشان مطمع شخصية
وأنا بقول حسبي ووكيلي رب البرية.
'العالم اليوم': الاخوان
اضاعوا هيبة الجيش والقضاء
ولأنني لا أجرؤ على مهاجمة الجميلات إخوانيات أو علمانيات, خاصة ان اسمها افنان, أي جمع فنن, وهو الغصن فسأتركها لمن هي أجمل شكلا وأرق صوتا, وهي زميلتنا سناء السعيد التي قالت أول امس - الأربعاء في 'العالم اليوم' اليومية المستقلة: آفة الإخوان انهم هم الذين اسقطوا القضاء وأضاعونا هيبة الشرطة وتحرشوا بالجيش وأساءوا إليه, ولقد رأينا كيف ان المرشد العام راح يشكك مؤخرا في قيادته, وأنهم حاولوا تقزيم الليبراليين ودعاة الدولة المدنية, واليوم يتعين على الرئيس رشق الثغرات وفتح الباب على مصراعيه للديمقراطية الحقيقية فعلاً لا كلاما'.
هل يدعو العريان اليهود باسم الاخوان؟!
وإلى توالي ردود الافعال على اقتراحات صديقنا العزيز ونائب رئيس حزب الحرية والعدالة, ورئيس كتلة الإخوان داخل مجلس الشوري, ومستشار الرئيس مرسي, عصام العريان بعودة اليهود المصريين الذين ادعى على غير الحقيقة بأن خالد الذكر طردهم وهو يعلم انه ادعاء باطل, منه, ما يترتب على ذلك من صرف تعويضات لهم تصل حسب طلبهم الى ثلاثين ألف مليون دولار, ودون أن يطالب إسرائيل بتعويضات عن بترول سيناء الذي ظلت تسرقه منذ عام 1968 وحتى 1979, ولا لدماء أسرانا التي قتلهم بشهاداتهم هم نفسها, وذلك على أساس أن هذا حدث أيام حكم عدوهم المشترك, أي عدو الإخوان وإسرائيل, جمال عبدالناصر, آسف - قصدي خالد الذكر, ومع ذلك, فقد شاءت أمانة الإخوان والسلفيين والتيار الإسلامي وشاء لهم ايمانهم ان يلتزموا الصمت في إعلان واضح فاضح, عن رضاهم فلم تشهد صحيفتهم 'الحرية والعدالة' ولا 'المصريون', ولا 'عقيدتي' ولا 'اللواء الإسلامي'.
وفي حقيقة الأمر, فانني ما زلت أشعر بصدمة من هذا التحول الذي حدث له, وتورطه الى هذه الدرجة في هذا المنحدر وضد قناعاته الداخلية التي أعرفها, بل والتي أعلنها من قبل, وأعرف مدى ذكائه, لكننا أمام نموذج انهار أمام أعيننا دون أن يكون لانهياره ثمن, وسوف يلفظه خصومه داخل الجماعة بعد أن ورطوه, وقال عنه يوم الثلاثاء في 'التحرير' زميلنا وصديقنا ونقيب الصحافيين الأسبق جلال عارف: ما يهمنا الآن هو أن نعرف هل يتكلم الدكتور العريان هنا باسم الجماعة أم باسم الحزب أم باسم الرئاسة وهو أحد رجالها, ومستشاريها الكبار؟ وهل نحن أمام بالون اختبار جديد أم التزامات سرية لا نعلمها'.
اسرار زيارة العريان لاميركا
ولأنه كان قيادي إخواني سابق وكاتب مرموق ومحامي بارع بالإضافة الى خفة ظله, فان ثروت الخرباوي أجاب عن سؤال جلال في نفس اليوم في 'الدستور' بقوله: حين ذهب العريان وقت أحداث الاتحادية ومحاصرة القصر الرئاسي, الى أمريكا حدثت أشياء بعضها نعلمه وبعضها ما زال مخفياً عنا, نعلم يقينا أن الإدارة الأمريكية تولت حمايته اثناء احدى الندوات ومنعت بعض المعارضين له من الاستمرار في قاعة الندوة ومنعت بعض المعارضين له من الاستمرار في قاعة الندوة, بل قامت باعتقال طبيبة هتفت ضده, إلا أن الأغرب والذي لم أجد له تبريرا هو تصريح العريان الأخير بأنه يرحب بعودة اليهود الذين هاجروا من مصر ويرحب برد أملاكهم لهم, فهل من باحثا يملك قدرا من الفراسة وبعد النظر يشرح لنا عن هذا الذي دار وراء الأكمة التي هي موجودة في واشنطن وراء مصنع الكراسي, وأرجو ألا يقول لنا ان استر بولونسكي كانت هي ايضا هناك'.
وأنا أرشحه لأن يكون هو الباحث صاحب الفراسة وبعد النظر, خاصة انه على علم بمصنع الكراسي في واشنطن وهو يحفظ ايضا الأغنية المصرية التي تقول, يامسا التماسي, يا ورد قاعد على الكراسي, ترللم, ترللم, وخاصة أيضا انه اشار إلى اسم استر بولونسكي وهي أحد السيدات الإسرائيليات في مسلسل رأفت الهجان, وأدت دورها الفنانة المعتزلة شديدة الجمال, إيمان الطوخي, والتي كانت قد تعرضت إلى حملة تتهمها بأنها تزوجت سراً من الرئيس مبارك, ومسلسل رأفت الهجان, كتبه زميلنا الراحل صالح مرسي, عن عملية حقيقية من عمليات المخابرات العامة, والمدهش ان الجهاز يتعرض من فترة الى هجمات من الإخوان يتزعمها محمد البلتاجي ومحاولات لاختراقه لكشف أسراره لمن يعنيهم الأمر, وهو ما سنأتي إليه قريباً إن شاء الله, بعد أن تنتهي موجة البرد الحالية, لأني لا أنشط إلا في الدفىء.
لعبة اليهود للحصول على تعويضات
وإلى أن يتغير الجو, اشير الى قول زميلنا بالأهرام وصديقنا ورئيس اتحاد الكتاب محمد سلماوي في نفس اليوم في عموده اليومي بالمصري اليوم - جرة قلم: 'ما يريده اليهود الذين كانوا يقيمون في مصر ليس العودة إليها, خاصة في ظل الظروف الحالية, وإنما التعويض عن ممتلكاتهم فيها, التي لديهم تقديرات معروفة عنها تصلا لى ثلاثين مليار دولار, وفق ما أعلنته أخيرا مؤسسة يهود مصر ومقرها باريس.
ودعوة اليهود للعودة إلى مصر هي ما سيفتح لهم الباب للمطالبة الرسمية بتلك التعويضات وهو ما رفضته مصر طوال الأربعين عاما الماضية, فلماذا يعاد فتح هذا الملف الآن؟ ان ما قد لا يعرفه البعض هو أن مؤسسة يهود مصر أرسلت الى رئاسة الجمهورية رسميا في يوليو الماضي تطالب بهذه الممتلكات وحددت مبلغ الثلاثين مليار دولار قيمة لها وما جاءت دعوة العريان الأخيرة إلا استجابة من الإخوان لهذا الطلب'.
'اليوم السابع': التقرب
من اليهود ليس على حساب مصر!
لا, لا, بسيطة, أنا أدرك أن صديقنا العريان سيتكفل بدفع هذا المبلغ لهم بعد جمعة من رجال أعمال الجماعة, ما داموا هم الزاحفون على بطونهم نحوهم, وان كان زميلنا في 'اليوم السابع' وأحد مديري تحريرها عبدالفتاح عبدالمنعم له رأي آخر عبر عنه بالقول في ذات اليوم: إذا أراد العريان أن يكون صديقاً لليهود فليس على حساب تلويث أرض مصر بيهود ذبحوا أسرانا في حروب 48, 56, 67, 73, يهود بيننا وبينهم دم, وإذا أراد العريان ان يجامل الأمريكان واللوبي اليهودي في أمريكا فليس على حساب شعب مصر الذي يرفض هذه المجاملات التي لا تؤدي إلا لطريق واحد هو التطبيع مع العدو الصهيوني, يا دكتور عصام, إذا كنت تريد العيش مع اليهود فلتذهب أنت إليهم في دولة العدو الإسرائيلي وعيش بينهم لاننا نرفض وجود أي يهودي اغتصب الأرض والعرض يا دكتور عريان'.
والله فكرة؟ صحيح, لماذا لا يطلب العريان تعيينه سفيرا لمصر في إسرائيل, وبالمرة ينشيء فرعاً للإخوان المصريين اليهود هناك؟
وأما الموضوع الآخر الذي يستحوذ على الاهتمام فهو ضعف الجنيه امام الدولار، وأثار ذلك على ارتفاع أسعار جميع السلع, ومحاولة الحكومة والإخوان طمأنة الناس حول تراجع سعر الدولار, بعد طرح البنك المركزي كميات منه في السوق, بينما المشكلة اكبر من ذلك, والدليل زميلنا الرسام النابه بجريدة 'روزاليوسف' أنور, والذي يقدم رسومه في الصباح, أخبرنا انه يراقب محلات الصرافة فشاهد طفلا يبكي ووالده يهدده بالقول: عليا النعمة لو ما بطلت زن لاخش أبدلك بعشرة دولارات انت كمان.
والخبر الثالث في الأهمية رغم عدم إبرازه هو قيام المهندس وعضو مجلس الشعب السابق حمدي الفخراني برفع دعوى قضائية امام مجلس الدولة ضد رئيس الجمهورية, لامتناعه عن الأمر بغلق الملاهي الليلية ومحلات بيع الخمور لمخالفتها للشريعة الإسلامية, كما رفع دعوى أخرى بالمشاركة المحامي وائل حمدي, ضد الرئيس لعدم إصداره قرارا بمنع البنوك من تحصيل فوائد على القروض ومنعها من صرف فوائد على الودائع لأنها ربا - والعياذ بالله -.
ايضا أشارت الصحف إلى إعلان مجلس الشورى براءته من تقديم مشروع الصكوك الإسلامية، وكان حزب الإخوان قد تبرأ من ذلك واتهم الحكومة, وذلك بعد رفض الأزهر له, بينما الحكومة إخوانية ورئيسها إخواني, ورئيس الجمهورية إخواني.
وإلى قليل من كثير عندنا:
فضل الرئيس على الاخوان كبير جدا
ونبدأ بالمعارك الدائرة حول الرئيس بسبب سياساته وتصريحاته, ومؤتمراته, واجتماعاته, خاصة اجتماعه يوم الاثنين مع عدد من الإعلاميين المصريين والعرب, وحضره زميلنا محمد حسن البنا رئيس تحرير 'الأخبار', وقال عنه يوم الثلاثاء: انك أمام شخصية متفردة جاءت من طين مصر, والتحقت بمدارسها الحكومية العادية, وواصلت تعليمها في بعثة وطنية حتى حصلت على أعلى الشهادات الدراسية, وكان للشخصية باع كبير في العمل التنظيمي والسياسي من خلال تمثيل جماعة الإخوان المسلمين التي أعطاها الشعب الشرعية الرسمية منذ ثورة 25 يناير المجيدة لدورها في تقديم الشهداء والدعم والحماية للثورة, حتى أضفت عليها الشرعية بدلا مما كان يطلق عليها لفظ 'المحظورة' في العهد السابق, وكانت للرئيس مرسي إسهامات في إبراز دور جماعة الإخوان المسلمين الإصلاحي والتنويري كجماعة إسلامية وسطية لا تخرج عن عباءة الأزهر الشريف, وكان الدكتور مرسي عضوا بالبرلمان, صال وجال وقدم أفضل الاستجوابات في تاريخ البرلمان عندما احترق قطار الصعيد وراح ضحيته المئات من ركابه، وانتقد أداء الحكومة بشدة في وقت لم يكن لأحد أن يجرؤ ويتحدث عن حكومة الحزب الوطني, وما تحمله من أسواط تلهب بها ظهور من يعارضها.
المهم في ذلك أن الرئيس مرسي لم يأت من فراغ بل أتى إلى سدة الحكم ليقول للعالم أجمع 'اليوم مصر يحكمها وطني مصري' هذه الشخصية المتواضعة كنت على موعد معها ليومين متتاليين, الأول كان تحت قبة برلمان مصر المنتخب حيث شاهدته واستمعت إلى خطابه الذي سرى في وجدان الناس برسالة طمأنة وتفاؤل وأمل في مستقبل كريم لنا ولبلدنا نصنعه بأيدينا عنوانه 'العمل والانتاج' اللقاء الثاني وكان في اليوم التالي مساء أمس الأول بصحبة كوكبة من رموز الإعلام والصحافة العربية.
'الأخبار' تقدم رواية
خاطئة عن مرسي البرلماني
وأنا هنا لا يعنيني رأيه في الرئيس وإشادته به فهذا رأيه لكن الذي يدهشني هو جرأته بعد ذلك وهو ينظر في عيون زملائه بالجريدة, بعد أن أهانهم بقوله أن مرسي عندما كان عضوا في مجلس الشعب انتقد أداء حكومة الحزب الوطني وقدم أفضل الاستجوابات عندما احترق قطار الصعيد في وقت لم يكن يجرؤ ويتحدث عن حكومة الحزب الوطني, وما تحمله من أسواط تلهب بها ظهور من يعارضها.
صحيح, كيف يتجرأ وينظر في عيون زملائه في اجتماعات التحرير كل يوم وكيف يتحمل نظراتهم إليه, لأن ما قاله ليس نفاقا من النوع ثقيل الظل فقط, ولكن لأنه لجأ إلى أكاذيب غير محتملة, ذلك ان النظام أقال وقتها وزير النقل بسبب الحادثة في حكومة الدكتور عاطف عبيد.
وكانت الأخبار وغيرها من الصحف القومية التي يسيطر عليها الحزب الوطني, لا تكف عن شرشحة الحكومة والحزب, والهجوم عليهما, بل انعش ضميره بواقعة واحدة, وهي أن رئيس تحريره الأسبق وزميلنا وصديقنا جلال دويدار, كتب سلسلة مقالات ضد أقوى رجال جمال مبارك والحزب الوطني وهو أحمد عز واتهمه بالخيانة وطالب بمحاكمته وإنهاء سيطرته على صناعة الحديد, بينما هو - أي حسن البنا - لا يجرؤ أن يكتب كلمة, عن رجال أعمال وتجار الإخوان مثل خيرت الشاطر وحسن مالك, وحسين القزاز وتعيين الرئيس لهما مستشارين وحلقات وصل مع المستثمرين.
وعلى العموم, فقد نسي البنا أن يقول أن الرئيس حرم نفسه من شم طشة الملوخية، كما قال زميله ممتاز القط عندما كان رئيساً لتحرير 'أخبار اليوم' عن مبارك, المطلوب قليل من النفاق يشفي العقل, مثلما أن قليلا من الخمر يشفي المعدة.
اسعار النفط تفيد الغرب لا العرب؟
المهم انني قرأت نص الحوار الذي نشره البنا, وقدم له بهذا, اكثر من مرة ولاحظت أن الرئيس استخدم كلمة التجانس السياسي والإعلامي العربي, احدى عشرة مرة, ولا أعرف سر لحكاية التجانس دون أي إشارة الى كلمة العروبة وتعبير القومية العربية, والوحدة العربية, إنما تجانس عربي, وتجانس وتوافق عربي, واستخدم تعبير - الأمة العربية - مرة واحدة, أما العروبة والقومية, فان للإسلاميين عموما كراهية لهما, ومشروعهما ضدها.
أيضا لفت الانتباه مطالبة الرئيس ضرورة رفع سعر برميل البترول العربي إلى أربعمائة دولار, لأنه حسب قوله بالنص: زادت أسعار السلع المستوردة أكثر من أربعين ضعفاً في السنوات الأخيرة دون أن يزيد سعر برميل البترول بنفس هذه الزيادة, وكان المفروض أن يصبح سعر البرميل اليوم أربعمائة دولار, ولكن لم, ولن يحدث لأنه في مصلحة الدول الكبرى والمستهلكة للنفط الخام العربي'.
وهذا هجوم غير مباشر على منظمة أوبك, والسعودية بالتحديد, لأنها التي تحدد الأسعار وكميات الانتاج.
أحمد منصور: خطابات الرئيس
تقوم على الارتجال والعاطفة والتكرار
المهم أنه إذا كان زميلنا الإخواني حسن البنا قد انبهر بحديث الرئيس، وقال عنه ما قال, فان زميلنا الإخواني الآخر ومقدم البرامج بقناة الجزيرة أحمد منصور, وكاتب عمود يومي في جريدة مملوكة لأحد فلول نظام مبارك, وهي 'الوطن', قال يوم الأربعاء, عن الخطابات التي يلقيها الرئيس, ولا تعجبه, ومنها خطابه في تركيا الذي كان حاضرا وقتها, وأضاف: توالت أخطاء الخطابات بعد ذلك التي كانت تقوم على الارتجال والعاطفة والتكرار, ورؤساء الدول لا يرتجلون في خطاباتهم, كل الخطابات تكون مكتوبة وتقرأ من القارىء الآلي, فلا يلاحظ ذلك أحد, مثل نشرات الأخبار, وكان ينبغي للرئيس مرسي أن يدرب على القراءة على القارىء الآلي, وأن يبتعد عن الارتجال الذي أدى إلى أخطاء, ومنها خطاب الاتحادية الشهير.
أما خطابه الأخير فلم أجد أحدا من القريبين من التيار الإسلامي أو الكتاب المتوازنين قد رضي عنه, فضلا عن الهجوم الشرس من معارضيه, فالكل انتقده لا سيما وأنه جاء في لحظة تراجع فيها الجنيه كثيرا أمام الدولار, وأنا لا أعرض بذلك كما يعتقد بعض المشوشين توجيها أو رغبة في أداء أي دور سياسي, فهذا محسوم عندي ألا أكون قريباً من حاكم مهما كان رغم انني ربما أكون من أكثر الإعلاميين العرب النقاد وحوارات مع الحكام, لكن علاقتي بالجميع لا تتعدى المهنية التي اعتبرها هي بيتي الأول والأخير, ولكني أقول وجهة نظر محلل وكاتب وراصد وناقد, من أراد أن يأخذ بها, فله الشكر ومن أعرض عنها فلا يغيرني الأمر شيئاً'.
وطبعاً, وصلتني غمزته الواردة في قوله - بعض المشوشين, رغم انه السبب في إصابتنا بهذا التشوش لأننا لا نعرف له موقفا محددا من الرئيس, سوى القاسم المشترك الذي يمكن بسهولة على أي صحافي محترف اكتشافه وهو عدم الاستعانة به في هيئة المستشارين, واعتقاده انه أحق منهم وأجدر, بسبب خبراته الإعلامية, وهو ما فشل في إخفائه بإثارة اهتمام الرئيس بأنه يمكن أن يتولى تدريبه على القارىء الآلي, وأنه يقدم الاستشارات فعلا في عموده بجريدة الفلول, فان أراد الرئيس أن يأخذ بها فله الشكر, وإذا لم تعجبه فلن يخسر شيئاً.
وما لا يريد منصور أن يفهمه أن الرئيس وقيادات الجماعة لا تريده مستشارا, وإنما لمهمة أخرى, وعليه أن يتوقف عن محاولاته مع الرئيس, بعد أن هاجمه مرات عديدة بطريقة ليس فيها حسن نية.
مرسي: أنا مش قصير
ولجلج أنا طويل وأبلج!
ونترك خلافات المناصب في الرئاسة بين الإخوان لنتحول إلى 'الشروق' في نفس اليوم لنكون مع زميلنا وصديقنا بلال فضل الذي عاد لكتابة صفحتي المعصرة كل أربعاء بعد توقف طويل ويرسم فقراتها زميلنا وصديقنا الموهوب عمرو سليم, ففي فقرة - قلمين - خاض فيها بلال تسعة وعشرين معركة, اخترنا منها سبع هي: دون إشارة إلى القارىء الآلي:
- تسألني ما الذي فهمته من البيان الذي ألقاه الدكتور محمد مرسي أمام مجلس شوراه الإخواني, سأقول لك ببساطة, فهمت البيان كالتالي, الاقتصاد حديد, الاقتصاد كويس, الاقتصاد تمام, أنا مش قصير ولجلج أنا طويل وأبلج.
- لو عاد عصر الألقاب التي يتم إطلاقها على الحكام والسلاطين لاستحق الدكتور محمد مرسي عن جدارة لقب السلطان محمد مرسي المتلجلج بأمر الله.
- مصادر مطلعة كشفت ان التحاليل الطبية المتقدمة اثبتت عدم وجود أمراض خطيرة معروفة لدى الرئيس وأن سر كل أعراض التخبط والارتباط السياسي التي ظهرت عليه في الفترة الأخيرة, هو اكتشاف التحاليل أن عنده إخوان في الدم.
- كل الشواهد العلمية تؤكد أن خطابات الرئيس مرسي مؤثرة على قدرة المصريين الانجابية, واعتقد جازماً أنه لو استمرت إذاعتها كل ليلة خميس ستحل مصر المشكلة السكانية خلال عام.
- القيادي السلفي سعيد عبدالعظيم قال ان محمد مرسي آية من آيات الله, لا أظن أنه كان سيقول ذلك لو أن أحدا قام بتذكيره بأن الله عز وجل سبق وأن أرسل إلى مصر أيام سيدنا موسى آيات منه, من بينها الجراد.
- الشيخ عبدالرحمن يعقوب طالب المصريين بأن ينادوا الرئيس محمد مرسي بفخامتك ومعاليك لأن الرسول عليه الصلاة والسلام طلب أن تنادي الناس بأحب ألقابهم وأنا امتثالا لهذه الفتوى سأنادي الدكتور محمد مرسي بأحب ألقابه الى نفسي, الاستبن.
- بعد أن قال أحد شيوخ السلفيين ان الرئيس محمد مرسي مختطف من عهد الصحابة, كل ما نتمناه أن يفك الله خطب الرئيس محمد مرسي ويعيده ثانية إلى عهد الصحابة بعيدا عنا'.
الاخوان تأذوا اذى لم
ينزل إلا بالأنبياء والرسل
ومن معارك الرئيس إلى معارك الإخوان أنفسهم, حيث سمعت نحيباً وبكاء صادرا من الصفحة الأخيرة بجريدة 'الحرية والعدالة' يوم الخميس قبل الماضي, وأدركت على الفور أنه صوت عضو مكتب الارشاد السابق الشيخ محمد عبدالله الخطيب دون أن أرى صورته وأقرأ اسمه بسبب كثرة اعتياد أذني عليه, وقال كعادته في مثل هذه المناحات, عما يلاقيه الإخوان الآن: أيها الإخوة, أيها العاملون للإسلام هل قرأتم في التاريخ على طوله وعرضه أن جماعة مؤمنة نذرت نفسها لخدمة دينها وأمتها ورعاية الكبير والصغير ونصيحة الأمي والمتعلم وكل ذلك لم نطلب من مخلوق جزاء ولا شكرا ثم فعل بها كما فعل بكم أو نزل بها كما نزل بكم وافترى عليها كما افترى عليكم؟!
لقد لفقت لها التهم المفضوحة وما زالت, وأوذيتم الأذى الذي لم ينزل إلا بالأنبياء والرسل عليهم أفضل الصلاة والسلام لأنكم تؤمنون بهم وتصدقون برسالاتهم وتقفون وأنتم تحملون الحق الذي حملوه وتؤدون الشعائر التي أدوها وتصيرون على الدرب الذي ساروا عليه وتؤمنون بالله ربكم وتحبون جميع الصالحين وتقدرونهم وهذا هو السر في كل ما ينزل بكم, إن كل محاولة وكل كيد وافتراء يصنعه البشر لإطفاء نور الحق أو تعطيل الإسلام لابد أنها محكوم عليها بالفشل, إننا لم نسمع يوماً أو نقرأ في تاريخ البشرية كلها أن هناك من حاول أن يطفيء نور الشمس أو يوقف مسارها ولكن قرأنا عن كثير من المحاولات لإطفاء نور الشمس أو يوقف مسارها ولكن قرأنا عن كثير من المحاولات لإطفاء نور الحقيقة رغم أن نور الحق والإيمان أقوى وأصدق من نور الشمس قال تعالى: 'يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون'.
لا حول ولا قوة إلا بالله, حتى بعد أن أصبحوا حكام البلد والمتصرفين في شؤونها يشتكون بأن الناس تضطهدهم؟ فليكن, ولكن ما حكاية رفع أنفسهم إلى مرتبة الأنبياء والتي درجوا على الاكثار من استخدامها.
وفي هذا العدد, أيضا.
تشبيه الشاطر والكتاتني بالانبياء
ومن بين اثنتي عشرة فقرة قال زميلنا الإخواني عامر شماخ في السابعة منها في 'الحرية والعدالة' يوم الأربعاء: أقول للمعارضين ناقصي المروءة الذين أغروا نساءهم وسفهاءهم بالتعدي بالألفاظ القبيحة على المهندس خيرت الشاطر في لجنته الانتخابية بمدينة نصر وعلى الدكتور سعد الكتاتني بأكتوبر, ان هذه الأفعال الصبيانية لم يعد يفعلها إنسان يعيش هذا العصر كان يفعلها قديماً, الغجر الذين لا يعرفون مفردات الحضارة, وفعلتها ثقيف الضالة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم'.
يا ألطاف الله, إخواني وله لحية لا أعرف متى أطلقها, حتى نبتت بسرعة, ويشبه خيرت الشاطر والكتاتني بالرسول صلى الله عليه وسلم؟ من تولي تربية مثل هؤلاء الناس على الإسلام داخل الجماعة؟ وإذا كان خيرت قد تم رفعه من مرتبة سيدنا يوسف عليه السلام إلى مرتبة رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم, وكذلك الكتاتني رئيس حزب الحرية والعدالة, فماذا تكون منزلة المرشد العام؟
لكن لماذا نتعجب, ألم يكن عامر شماخ هو نفسه الذي توعد الله سبحانه وتعالى إذا ادخل خالد الذكر الجنة بعد حسابه يوم القيامة؟ ولديهم الجرأة بعد ذلك على اتهام قادة جبهة الانقاذ بأنهم قادة كفار قريش.
متقولولي يا مثقفين
هو إيه معنى المدنية؟!
ونظل في هذا العدد غير المسبوق بعجائبه, لنقرأ للجميلة افنان محمد قصيدة نشرتها لها صفحة - صوتك واصل - التي يشرف عليها زميلنا محمود النجار, قالت فيها:
قالوا عليا مش مدنية لأني إسلامية
مع أني عمري ما شلت سلاح ولا حتى بندقية
متقولولي يا مثقفين هو إيه معنى المدنية
المدنية اني أكون مواطنة عادية مش عسكرية
قالوا عليا عندي أجندة خارجية
نفسي اعرف امال مين اللي شال هم القضية
وانتوا قاعدين تتنطوا في القنوات الفضائية
قالوا عليا بتاجر بالدين علشان مطمع شخصية
وأنا بقول حسبي ووكيلي رب البرية.
'العالم اليوم': الاخوان
اضاعوا هيبة الجيش والقضاء
ولأنني لا أجرؤ على مهاجمة الجميلات إخوانيات أو علمانيات, خاصة ان اسمها افنان, أي جمع فنن, وهو الغصن فسأتركها لمن هي أجمل شكلا وأرق صوتا, وهي زميلتنا سناء السعيد التي قالت أول امس - الأربعاء في 'العالم اليوم' اليومية المستقلة: آفة الإخوان انهم هم الذين اسقطوا القضاء وأضاعونا هيبة الشرطة وتحرشوا بالجيش وأساءوا إليه, ولقد رأينا كيف ان المرشد العام راح يشكك مؤخرا في قيادته, وأنهم حاولوا تقزيم الليبراليين ودعاة الدولة المدنية, واليوم يتعين على الرئيس رشق الثغرات وفتح الباب على مصراعيه للديمقراطية الحقيقية فعلاً لا كلاما'.
هل يدعو العريان اليهود باسم الاخوان؟!
وإلى توالي ردود الافعال على اقتراحات صديقنا العزيز ونائب رئيس حزب الحرية والعدالة, ورئيس كتلة الإخوان داخل مجلس الشوري, ومستشار الرئيس مرسي, عصام العريان بعودة اليهود المصريين الذين ادعى على غير الحقيقة بأن خالد الذكر طردهم وهو يعلم انه ادعاء باطل, منه, ما يترتب على ذلك من صرف تعويضات لهم تصل حسب طلبهم الى ثلاثين ألف مليون دولار, ودون أن يطالب إسرائيل بتعويضات عن بترول سيناء الذي ظلت تسرقه منذ عام 1968 وحتى 1979, ولا لدماء أسرانا التي قتلهم بشهاداتهم هم نفسها, وذلك على أساس أن هذا حدث أيام حكم عدوهم المشترك, أي عدو الإخوان وإسرائيل, جمال عبدالناصر, آسف - قصدي خالد الذكر, ومع ذلك, فقد شاءت أمانة الإخوان والسلفيين والتيار الإسلامي وشاء لهم ايمانهم ان يلتزموا الصمت في إعلان واضح فاضح, عن رضاهم فلم تشهد صحيفتهم 'الحرية والعدالة' ولا 'المصريون', ولا 'عقيدتي' ولا 'اللواء الإسلامي'.
وفي حقيقة الأمر, فانني ما زلت أشعر بصدمة من هذا التحول الذي حدث له, وتورطه الى هذه الدرجة في هذا المنحدر وضد قناعاته الداخلية التي أعرفها, بل والتي أعلنها من قبل, وأعرف مدى ذكائه, لكننا أمام نموذج انهار أمام أعيننا دون أن يكون لانهياره ثمن, وسوف يلفظه خصومه داخل الجماعة بعد أن ورطوه, وقال عنه يوم الثلاثاء في 'التحرير' زميلنا وصديقنا ونقيب الصحافيين الأسبق جلال عارف: ما يهمنا الآن هو أن نعرف هل يتكلم الدكتور العريان هنا باسم الجماعة أم باسم الحزب أم باسم الرئاسة وهو أحد رجالها, ومستشاريها الكبار؟ وهل نحن أمام بالون اختبار جديد أم التزامات سرية لا نعلمها'.
اسرار زيارة العريان لاميركا
ولأنه كان قيادي إخواني سابق وكاتب مرموق ومحامي بارع بالإضافة الى خفة ظله, فان ثروت الخرباوي أجاب عن سؤال جلال في نفس اليوم في 'الدستور' بقوله: حين ذهب العريان وقت أحداث الاتحادية ومحاصرة القصر الرئاسي, الى أمريكا حدثت أشياء بعضها نعلمه وبعضها ما زال مخفياً عنا, نعلم يقينا أن الإدارة الأمريكية تولت حمايته اثناء احدى الندوات ومنعت بعض المعارضين له من الاستمرار في قاعة الندوة ومنعت بعض المعارضين له من الاستمرار في قاعة الندوة, بل قامت باعتقال طبيبة هتفت ضده, إلا أن الأغرب والذي لم أجد له تبريرا هو تصريح العريان الأخير بأنه يرحب بعودة اليهود الذين هاجروا من مصر ويرحب برد أملاكهم لهم, فهل من باحثا يملك قدرا من الفراسة وبعد النظر يشرح لنا عن هذا الذي دار وراء الأكمة التي هي موجودة في واشنطن وراء مصنع الكراسي, وأرجو ألا يقول لنا ان استر بولونسكي كانت هي ايضا هناك'.
وأنا أرشحه لأن يكون هو الباحث صاحب الفراسة وبعد النظر, خاصة انه على علم بمصنع الكراسي في واشنطن وهو يحفظ ايضا الأغنية المصرية التي تقول, يامسا التماسي, يا ورد قاعد على الكراسي, ترللم, ترللم, وخاصة أيضا انه اشار إلى اسم استر بولونسكي وهي أحد السيدات الإسرائيليات في مسلسل رأفت الهجان, وأدت دورها الفنانة المعتزلة شديدة الجمال, إيمان الطوخي, والتي كانت قد تعرضت إلى حملة تتهمها بأنها تزوجت سراً من الرئيس مبارك, ومسلسل رأفت الهجان, كتبه زميلنا الراحل صالح مرسي, عن عملية حقيقية من عمليات المخابرات العامة, والمدهش ان الجهاز يتعرض من فترة الى هجمات من الإخوان يتزعمها محمد البلتاجي ومحاولات لاختراقه لكشف أسراره لمن يعنيهم الأمر, وهو ما سنأتي إليه قريباً إن شاء الله, بعد أن تنتهي موجة البرد الحالية, لأني لا أنشط إلا في الدفىء.
لعبة اليهود للحصول على تعويضات
وإلى أن يتغير الجو, اشير الى قول زميلنا بالأهرام وصديقنا ورئيس اتحاد الكتاب محمد سلماوي في نفس اليوم في عموده اليومي بالمصري اليوم - جرة قلم: 'ما يريده اليهود الذين كانوا يقيمون في مصر ليس العودة إليها, خاصة في ظل الظروف الحالية, وإنما التعويض عن ممتلكاتهم فيها, التي لديهم تقديرات معروفة عنها تصلا لى ثلاثين مليار دولار, وفق ما أعلنته أخيرا مؤسسة يهود مصر ومقرها باريس.
ودعوة اليهود للعودة إلى مصر هي ما سيفتح لهم الباب للمطالبة الرسمية بتلك التعويضات وهو ما رفضته مصر طوال الأربعين عاما الماضية, فلماذا يعاد فتح هذا الملف الآن؟ ان ما قد لا يعرفه البعض هو أن مؤسسة يهود مصر أرسلت الى رئاسة الجمهورية رسميا في يوليو الماضي تطالب بهذه الممتلكات وحددت مبلغ الثلاثين مليار دولار قيمة لها وما جاءت دعوة العريان الأخيرة إلا استجابة من الإخوان لهذا الطلب'.
'اليوم السابع': التقرب
من اليهود ليس على حساب مصر!
لا, لا, بسيطة, أنا أدرك أن صديقنا العريان سيتكفل بدفع هذا المبلغ لهم بعد جمعة من رجال أعمال الجماعة, ما داموا هم الزاحفون على بطونهم نحوهم, وان كان زميلنا في 'اليوم السابع' وأحد مديري تحريرها عبدالفتاح عبدالمنعم له رأي آخر عبر عنه بالقول في ذات اليوم: إذا أراد العريان أن يكون صديقاً لليهود فليس على حساب تلويث أرض مصر بيهود ذبحوا أسرانا في حروب 48, 56, 67, 73, يهود بيننا وبينهم دم, وإذا أراد العريان ان يجامل الأمريكان واللوبي اليهودي في أمريكا فليس على حساب شعب مصر الذي يرفض هذه المجاملات التي لا تؤدي إلا لطريق واحد هو التطبيع مع العدو الصهيوني, يا دكتور عصام, إذا كنت تريد العيش مع اليهود فلتذهب أنت إليهم في دولة العدو الإسرائيلي وعيش بينهم لاننا نرفض وجود أي يهودي اغتصب الأرض والعرض يا دكتور عريان'.
والله فكرة؟ صحيح, لماذا لا يطلب العريان تعيينه سفيرا لمصر في إسرائيل, وبالمرة ينشيء فرعاً للإخوان المصريين اليهود هناك؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق