يمكن ببساطة الاستدلال على طبيعة التوتر الصامت في
العلاقات الاردنية ـ القطرية، من خلال طبيعة ودلالات النقاش السريع الذي
حصل بين امير قطر الشيخ حمد بن خليفة ورئيس مجلس الاعيان الاردني طاهر
المصري على هامش مشاركة الاخير في ندوة فكرية ضخمة استضافتها الدوحة مؤخرا.
المصري وانطلاقا من موقعه المتقدم في هيكلية الدولة الاردنية، حاول استثمار وقفته الاخيرة في قطر لصالح بلاده، املا في تحريك المياه الراكدة في العلاقة المتقلبة جدا بين عمان والدوحة.
على هامش حديث ودي ودبلوماسي ارسل الامير القطري الرسالة السياسية الاهم التي يعتقد انها تقف وراء تجاهل القطريين التام للوضع الاقتصادي الصعب الذي يعاني منه الاردن، في الوقت الذي تهتم فيه دولة قطر بجميع القضايا والملفات والشعوب في المنطقة، بعد ان جمدت حتى استثمارات كانت مقررة سابقا بعد 'تفاعل' عمان الايجابي مع مشروعها في ليبيا قبل عامين.
ما يمكن التقاطه سياسيا من رسالة الدوحة في السياق، هو الاشارة الى ان عمان لا تستطيع الحصول على الحظوة والرعاية القطرية الفعلية ما دامت مصرة على التبعية فقط للسيناريو السعودي حتى بدون علاقات متكافئة من جانب الرياض.
معنى الكلام كان اوضح من الا يلتقطه دبلوماسي وسياسي مخضرم من وزن المصري، فالاشارة القطرية كانت تركز على ان الدوحة لا تستطيع التفاعل مع حاجات عمان الاقتصادية ما دامت الاخيرة تتجاهلها تماما لصالح التفاعل التام مع اتجاهات السعودية فقط في القضايا الاساسية في المنطقة اليوم. المثير ان هذه الرسالة قيلت للمصري بوضوح وبصراحة وبعبارات قصيرة مما يعني ان الدوحة ترغب في ايصال الرسالة او على الاقل في تفسير سبب 'برودها' في التعاطي مع الازمة الاقتصادية والمالية الاردنية، خصوصا بعدما توقع الجميع ان العلاقة بين البلدين تجاوزت الحساسيات وانطلقت فعلا بعد التعاون المؤثر ثنائيا في مسألة اسقاط نظام العقيد الراحل معمر القذافي في ليبيا.
طبعا طبيعة الحديث بين الامير القطري وطاهر المصري لا تقود فقط لاستنتاجات لها علاقة بالنظرة القطرية للاردن وللعلاقة مع الاردنيين فقط ، بل تؤشر الى الخلاف الاكبر في عمق المشهد بين قطر والسعودية ليس فقط على بعض تكتيكيات الملف السوري، ولكن ايضا على الملف الاكثر اثارة للخلاف وهو ملف الاخوان المسلمين وحركات الاسلام السياسي التي صعدت للسلطة في اكثر من بلد عربي بدعم ملموس وواضح من قطر ومحطة الجزيرة.
هنا ايضا تتعاكس الاجندة القطرية مع البوصلة الاردنية والسعودية، فاستراتيجية الرياض لا زالت تدعم خيار قانون انتخاب الصوت الواحد الذي يقصي الاسلاميين في الاردن عن اغلبية البرلمان، وقد اوضح عدة امراء سعوديون هذا الامر جيدا لشخصيات اردنية خلال الاشهر الماضية، ومن الواضح ان دعم السلطة الاردنية لانشقاق محتمل عن الاخوان المسلمين يتقاطع ايضا مع حلقات التعاون بين قطر وحركة الاخوان المسلمين.
رسائل امير قطر 'المنزعجة' من الدوران الاردني في فلك السعودية فقط وبلا تضامن سعودي حقيقي مع حاجات الازمة الاقتصادية الاردنية لم تكن وحدها في سياق التعبير عما يصفه مراقبون بالطلاق الصامت بين عمان والدوحة، فبعض اللقاءات الملكية المغلقة التي شهدتها عمان مؤخرا تضمنها 'انتقادات' واضحة للاداء القطري والتركي في المنطقة، بل تخللت بعضها اراء مثيرة قيلت عن رفض الاردن لسياسة 'التمحور' السني والطائفي التي تدعمها قطر.
طبعا ليس سرا في السياق ان عمان لا تبدي اي تعاطف من اي نوع او حتى اي تعاون مع المشروع القطري التركي المعني بملف سورية، لا سياسيا ولا ميدانيا، وليس سرا ان الحكومة الاردنية تتهم ضمنيا القطريين بخذلانها في ما يتعلق بوعود الانفاق على مئات الالاف من اللاجئين السوريين الذين فتحت لهم ابواب الاردن واصبحوا اليوم دليلا على ازمة متعددة الوجه في الاردن.
لذلك لا تبدو العلاقة الاردنية القطرية مرتاحة بل تميل الى التربص المتبادل والى تسريب الرسائل النقدية المتبادلة، وهو على الارجح ما يمنع اطلاق تحالفات قوية وصلبة بين العاصمتين وما يتسبب عمليا بتلك الرؤية النقدية للاداء القطري، في لقاءات مغلقة شهدتها عمان وقابلتها ملاحظات نقدية مباشرة لامير قطر في وقفته السريعة مع طاهر المصري.
والاهم ان هذا البرود تسبب فيما يبدو في تأجيل زيارة يفترض ان يقوم بها لرام الله امير قطر لاظهار التوازن الدبلوماسي بعد وقفته الاخيرة المثيرة في قطاع غزة، حيث يمكن ببساطة ملاحظة ان هذه الزيارة تأجلت بعدما كان العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني اول الزائرين لرام الله بعد القرار الاممي الاخير، وبعدما توقف نتنياهو في عمان لساعات بعيدا عن العلنية والاعلام.
المصري وانطلاقا من موقعه المتقدم في هيكلية الدولة الاردنية، حاول استثمار وقفته الاخيرة في قطر لصالح بلاده، املا في تحريك المياه الراكدة في العلاقة المتقلبة جدا بين عمان والدوحة.
على هامش حديث ودي ودبلوماسي ارسل الامير القطري الرسالة السياسية الاهم التي يعتقد انها تقف وراء تجاهل القطريين التام للوضع الاقتصادي الصعب الذي يعاني منه الاردن، في الوقت الذي تهتم فيه دولة قطر بجميع القضايا والملفات والشعوب في المنطقة، بعد ان جمدت حتى استثمارات كانت مقررة سابقا بعد 'تفاعل' عمان الايجابي مع مشروعها في ليبيا قبل عامين.
ما يمكن التقاطه سياسيا من رسالة الدوحة في السياق، هو الاشارة الى ان عمان لا تستطيع الحصول على الحظوة والرعاية القطرية الفعلية ما دامت مصرة على التبعية فقط للسيناريو السعودي حتى بدون علاقات متكافئة من جانب الرياض.
معنى الكلام كان اوضح من الا يلتقطه دبلوماسي وسياسي مخضرم من وزن المصري، فالاشارة القطرية كانت تركز على ان الدوحة لا تستطيع التفاعل مع حاجات عمان الاقتصادية ما دامت الاخيرة تتجاهلها تماما لصالح التفاعل التام مع اتجاهات السعودية فقط في القضايا الاساسية في المنطقة اليوم. المثير ان هذه الرسالة قيلت للمصري بوضوح وبصراحة وبعبارات قصيرة مما يعني ان الدوحة ترغب في ايصال الرسالة او على الاقل في تفسير سبب 'برودها' في التعاطي مع الازمة الاقتصادية والمالية الاردنية، خصوصا بعدما توقع الجميع ان العلاقة بين البلدين تجاوزت الحساسيات وانطلقت فعلا بعد التعاون المؤثر ثنائيا في مسألة اسقاط نظام العقيد الراحل معمر القذافي في ليبيا.
طبعا طبيعة الحديث بين الامير القطري وطاهر المصري لا تقود فقط لاستنتاجات لها علاقة بالنظرة القطرية للاردن وللعلاقة مع الاردنيين فقط ، بل تؤشر الى الخلاف الاكبر في عمق المشهد بين قطر والسعودية ليس فقط على بعض تكتيكيات الملف السوري، ولكن ايضا على الملف الاكثر اثارة للخلاف وهو ملف الاخوان المسلمين وحركات الاسلام السياسي التي صعدت للسلطة في اكثر من بلد عربي بدعم ملموس وواضح من قطر ومحطة الجزيرة.
هنا ايضا تتعاكس الاجندة القطرية مع البوصلة الاردنية والسعودية، فاستراتيجية الرياض لا زالت تدعم خيار قانون انتخاب الصوت الواحد الذي يقصي الاسلاميين في الاردن عن اغلبية البرلمان، وقد اوضح عدة امراء سعوديون هذا الامر جيدا لشخصيات اردنية خلال الاشهر الماضية، ومن الواضح ان دعم السلطة الاردنية لانشقاق محتمل عن الاخوان المسلمين يتقاطع ايضا مع حلقات التعاون بين قطر وحركة الاخوان المسلمين.
رسائل امير قطر 'المنزعجة' من الدوران الاردني في فلك السعودية فقط وبلا تضامن سعودي حقيقي مع حاجات الازمة الاقتصادية الاردنية لم تكن وحدها في سياق التعبير عما يصفه مراقبون بالطلاق الصامت بين عمان والدوحة، فبعض اللقاءات الملكية المغلقة التي شهدتها عمان مؤخرا تضمنها 'انتقادات' واضحة للاداء القطري والتركي في المنطقة، بل تخللت بعضها اراء مثيرة قيلت عن رفض الاردن لسياسة 'التمحور' السني والطائفي التي تدعمها قطر.
طبعا ليس سرا في السياق ان عمان لا تبدي اي تعاطف من اي نوع او حتى اي تعاون مع المشروع القطري التركي المعني بملف سورية، لا سياسيا ولا ميدانيا، وليس سرا ان الحكومة الاردنية تتهم ضمنيا القطريين بخذلانها في ما يتعلق بوعود الانفاق على مئات الالاف من اللاجئين السوريين الذين فتحت لهم ابواب الاردن واصبحوا اليوم دليلا على ازمة متعددة الوجه في الاردن.
لذلك لا تبدو العلاقة الاردنية القطرية مرتاحة بل تميل الى التربص المتبادل والى تسريب الرسائل النقدية المتبادلة، وهو على الارجح ما يمنع اطلاق تحالفات قوية وصلبة بين العاصمتين وما يتسبب عمليا بتلك الرؤية النقدية للاداء القطري، في لقاءات مغلقة شهدتها عمان وقابلتها ملاحظات نقدية مباشرة لامير قطر في وقفته السريعة مع طاهر المصري.
والاهم ان هذا البرود تسبب فيما يبدو في تأجيل زيارة يفترض ان يقوم بها لرام الله امير قطر لاظهار التوازن الدبلوماسي بعد وقفته الاخيرة المثيرة في قطاع غزة، حيث يمكن ببساطة ملاحظة ان هذه الزيارة تأجلت بعدما كان العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني اول الزائرين لرام الله بعد القرار الاممي الاخير، وبعدما توقف نتنياهو في عمان لساعات بعيدا عن العلنية والاعلام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق