نفى الرئيس المصري الاسبوع الماضي انه ‘يوجد توتر
بينه وبين الجيش’. وزعيم الاخوان المسلمين السابق، مهدي عاكف، نفى أن يكون
قال ان زعيم الاخوان المسلمين يقف فوق الحكومة وفوق الرئيس، كما نفى أنه
اجريت معه مقابلة. والناطق بلسان الرئيس نفى أن يكون عُرض على الامين العام
للجامعة العربية، نبيل العربي، أن يكون رئيس الحكومة بدلا من هشام قنديل.
ومحافظ البنك المركزي لمصر نفى أن يكون بعث برسالة الى مرسي يشرح فيها ان
البنك لا يمكنه أن يرتب مبالغ العملة الصعبة اللازمة لاستيراد البضائع.
ولكن بالذات وابل النفي يدل على واقع بشع ومقلق. ففي يوم الخميس الماضي عقد مرسي لقاء، لم ينفِ أمره، مع وزير الدفاع وقائد الجيش الجنرال عبد الفتاح السيسي. ‘وبحث الرجلان بشؤون الامن وحماية الحدود’، كما قال الناطق بلسان الرئيس ولكن ما لم يقله هو أن الرجلين تحدثا أساسا عن منظومة العلاقات بين الاخوان المسلمين والجيش. وذلك على خلفية نشر أقوال ابو العلا ماضي، زعيم حزب الوسط (الذي انفصلت قيادته عن الاخوان المسلمين في منتصف التسعينيات)، ووفقا له فان ‘مرسي روى ان الاستخبارات العسكرية أقامت وحدات البلطجية التي تضم نحو 300 ألف رجل، منهم نحو 80 ألفا في القاهرة، لمعالجة أعمال الاخلال بالنظام’. اما الجيش، فكما هو متوقع، فلم ينفِ فقط بل ان ‘مصادره’ سربت الى وسائل الاعلام ان مرسي طلب من رئيس الاستخبارات ان يجند في صفوفه شبانا من رجال الاخوان المسلمين وتجميد المعالجة والملاحقة للحركات الاسلامية.
ونفى مكتب الرئيس بالطبع، ولكن على نحو عجيب وصلت الى صحيفة ‘الجارديان’ اللندنية أجزاء من تقرير تحقيق أجرته لجنة شكلها مرسي في شهر كانون الثاني/يناير وفيها شهادات عن التعذيب واخفاء أشخاص قام به الجيش في فترة المظاهرات. وليس غنيا عن البيان ان يضاف الى تلك المناكفة العلنية بين الجيش والرئيس في موضوع هدم الانفاق الذي يقوم به الجيش على طول الحدود مع غزة، الشائعات (التي نفيت) قبل بضعة اشهر عن نية مرسي اقالة السيسي، كي نفهم بان ستار النفي لم يعد يمكنه أن يخفي بانه يجري بين السلطتين الهامتين في مصر، الرئيس والجيش، صراع خطير على انزال الايدي.
وقد تجند الى هذا الصراع المرشد العام السابق للاخوان المسلمين، مهدي عاكف، الذي قال في مقابلة فظة مع صحيفة ‘الوطن’ المعارضة ان ‘منصب زعيم الاخوان المسلمين أهم من منصب رئيس الدولة’. وهذا هو ذات المرشد العام الذي في عهد مبارك اشتهر بتعبير ‘الى الجحيم بمصر وبابو مصر’. ونفى عاكف ان يكون قال ذلك لـ ‘الوطن’ وادعى بانه لم تجر المقابلة على الاطلاق. اما الصحيفة من جهتها فقد دعت القراء الى الاستماع الى الاشرطة التي توجد لديها.
القلق من ‘أخونة الاجهزة’ (فرض الاخوان المسلمين عليها) يوجد في جبهة المواجهة بين المعارضة والرئيس. والطلب المطلق من قادتها هو اقالة هشام قنديل من رئاسة الحكومة وتشكيل حكومة تكنوقراط تقود الدولة حتى الانتخابات للبرلمان. وحسب شهادة د. نبيل العربي، الذي شغل منصب وزير الخارجية ويتبوأ الان منصب الامين العام للجامعة العربية، فقد توجهوا اليه كي يدرس امكانية أن يترأس الحكومة ولكنه ‘رفض حتى التفكير في ذلك’. كما أن د. كمال الجنزوري، الذي كان رئيس الحكومة الانتقالية بتكليف من الجيش، روى بانهم توجهوا اليه بطلب مشابه ولكنه ‘لا يزال يفكر بالاقتراح ولديه شروط للاستجابة له’.
يبدو أن مرسي يعترف بأنه اذا لم يستجب على الاقل لجزء من مطالب المعارضة فانه سيقف أمام مطلب يتعاظم باجراء انتخابات مبكرة للرئاسة قد يفقد فيها الاخوان المسلمون الانجاز الاهم الذي كان لهم في تاريخهم. فتغيير رئيس الوزراء وتعيين حكومة جديدة سيكونان من ناحيته أهون الشرور.
وطلب المعارضة تغيير الدستور وصياغة قانون انتخابات جديد من شأنهما أن يكلفا الاخوان ثمنا أغلى بكثير وذلك لان معنييهما تأخير الانتخابات لاشهر طويلة، في اثنائها سيجد مرسي صعوبة في ادارة الدولة وتحقيق تطلعه لاخونتها. وغني عن الاشارة ان كل الاتصالات لتغيير رئيس الوزراء نفاها الناطق بلسان الرئيس لا اساس لها من الصحة، كله من اختراع الصحافة التي هدفها ‘التشهير بصورة الدولة والمس بمؤسسة الرئاسة’. ومشوق أن نرى أنه بين هذه الصحف توجد أيضا صحف حكومية عين محرريها مرسي في السنة الماضية وتبين له فجأة بانه ليس له سيطرة عليها ايضا. فالانتقاد الذي تنشره عن أداء الحكومة وعن الخصومة بين الجيش والرئيس ليس أقل من ذاك الذي تنشره الصحافة الخاصة.
مرت تسعة اشهر منذ انتخب مرسي (باغلبية طفيفة) للرئاسة. ومصر لا تزال تجد صعوبة في الاقتناع بانه يقف على رأسها رئيس يديرها. سياستها العربية تمليها السعودية وقطر اللتان هما الراعيتان الاقتصاديتان لها. اما السياسة الداخلية فغير موجودة، وصراعات القوى مع المعارضة تجري في الشارع او في اللقاءات العامة. وبلا برلمان فان التشريع فيها مصادفة وبالاساس يتعرض للانتقاد ويخيل أن جهاز القضاء وحده ينجح في ابقاء رأس مصر فوق الماء.
تسفي بارئيل
هآرتس 15/4/2013
ولكن بالذات وابل النفي يدل على واقع بشع ومقلق. ففي يوم الخميس الماضي عقد مرسي لقاء، لم ينفِ أمره، مع وزير الدفاع وقائد الجيش الجنرال عبد الفتاح السيسي. ‘وبحث الرجلان بشؤون الامن وحماية الحدود’، كما قال الناطق بلسان الرئيس ولكن ما لم يقله هو أن الرجلين تحدثا أساسا عن منظومة العلاقات بين الاخوان المسلمين والجيش. وذلك على خلفية نشر أقوال ابو العلا ماضي، زعيم حزب الوسط (الذي انفصلت قيادته عن الاخوان المسلمين في منتصف التسعينيات)، ووفقا له فان ‘مرسي روى ان الاستخبارات العسكرية أقامت وحدات البلطجية التي تضم نحو 300 ألف رجل، منهم نحو 80 ألفا في القاهرة، لمعالجة أعمال الاخلال بالنظام’. اما الجيش، فكما هو متوقع، فلم ينفِ فقط بل ان ‘مصادره’ سربت الى وسائل الاعلام ان مرسي طلب من رئيس الاستخبارات ان يجند في صفوفه شبانا من رجال الاخوان المسلمين وتجميد المعالجة والملاحقة للحركات الاسلامية.
ونفى مكتب الرئيس بالطبع، ولكن على نحو عجيب وصلت الى صحيفة ‘الجارديان’ اللندنية أجزاء من تقرير تحقيق أجرته لجنة شكلها مرسي في شهر كانون الثاني/يناير وفيها شهادات عن التعذيب واخفاء أشخاص قام به الجيش في فترة المظاهرات. وليس غنيا عن البيان ان يضاف الى تلك المناكفة العلنية بين الجيش والرئيس في موضوع هدم الانفاق الذي يقوم به الجيش على طول الحدود مع غزة، الشائعات (التي نفيت) قبل بضعة اشهر عن نية مرسي اقالة السيسي، كي نفهم بان ستار النفي لم يعد يمكنه أن يخفي بانه يجري بين السلطتين الهامتين في مصر، الرئيس والجيش، صراع خطير على انزال الايدي.
وقد تجند الى هذا الصراع المرشد العام السابق للاخوان المسلمين، مهدي عاكف، الذي قال في مقابلة فظة مع صحيفة ‘الوطن’ المعارضة ان ‘منصب زعيم الاخوان المسلمين أهم من منصب رئيس الدولة’. وهذا هو ذات المرشد العام الذي في عهد مبارك اشتهر بتعبير ‘الى الجحيم بمصر وبابو مصر’. ونفى عاكف ان يكون قال ذلك لـ ‘الوطن’ وادعى بانه لم تجر المقابلة على الاطلاق. اما الصحيفة من جهتها فقد دعت القراء الى الاستماع الى الاشرطة التي توجد لديها.
القلق من ‘أخونة الاجهزة’ (فرض الاخوان المسلمين عليها) يوجد في جبهة المواجهة بين المعارضة والرئيس. والطلب المطلق من قادتها هو اقالة هشام قنديل من رئاسة الحكومة وتشكيل حكومة تكنوقراط تقود الدولة حتى الانتخابات للبرلمان. وحسب شهادة د. نبيل العربي، الذي شغل منصب وزير الخارجية ويتبوأ الان منصب الامين العام للجامعة العربية، فقد توجهوا اليه كي يدرس امكانية أن يترأس الحكومة ولكنه ‘رفض حتى التفكير في ذلك’. كما أن د. كمال الجنزوري، الذي كان رئيس الحكومة الانتقالية بتكليف من الجيش، روى بانهم توجهوا اليه بطلب مشابه ولكنه ‘لا يزال يفكر بالاقتراح ولديه شروط للاستجابة له’.
يبدو أن مرسي يعترف بأنه اذا لم يستجب على الاقل لجزء من مطالب المعارضة فانه سيقف أمام مطلب يتعاظم باجراء انتخابات مبكرة للرئاسة قد يفقد فيها الاخوان المسلمون الانجاز الاهم الذي كان لهم في تاريخهم. فتغيير رئيس الوزراء وتعيين حكومة جديدة سيكونان من ناحيته أهون الشرور.
وطلب المعارضة تغيير الدستور وصياغة قانون انتخابات جديد من شأنهما أن يكلفا الاخوان ثمنا أغلى بكثير وذلك لان معنييهما تأخير الانتخابات لاشهر طويلة، في اثنائها سيجد مرسي صعوبة في ادارة الدولة وتحقيق تطلعه لاخونتها. وغني عن الاشارة ان كل الاتصالات لتغيير رئيس الوزراء نفاها الناطق بلسان الرئيس لا اساس لها من الصحة، كله من اختراع الصحافة التي هدفها ‘التشهير بصورة الدولة والمس بمؤسسة الرئاسة’. ومشوق أن نرى أنه بين هذه الصحف توجد أيضا صحف حكومية عين محرريها مرسي في السنة الماضية وتبين له فجأة بانه ليس له سيطرة عليها ايضا. فالانتقاد الذي تنشره عن أداء الحكومة وعن الخصومة بين الجيش والرئيس ليس أقل من ذاك الذي تنشره الصحافة الخاصة.
مرت تسعة اشهر منذ انتخب مرسي (باغلبية طفيفة) للرئاسة. ومصر لا تزال تجد صعوبة في الاقتناع بانه يقف على رأسها رئيس يديرها. سياستها العربية تمليها السعودية وقطر اللتان هما الراعيتان الاقتصاديتان لها. اما السياسة الداخلية فغير موجودة، وصراعات القوى مع المعارضة تجري في الشارع او في اللقاءات العامة. وبلا برلمان فان التشريع فيها مصادفة وبالاساس يتعرض للانتقاد ويخيل أن جهاز القضاء وحده ينجح في ابقاء رأس مصر فوق الماء.
تسفي بارئيل
هآرتس 15/4/2013
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق