دقيقة صمت،
وأخرى لمحاولة استيعاب ما وقع، وثالثة لقراءة الفاتحة ترحما...
هدوء خبيث ذلك الذي سبق التحاقه بالرفيق الأعلى يوم تلقت عائلته وأصدقاءه ومحبيه الخبر الصادم، الأحد الماضي (14 أكتوبر 2012)، بعدما قاوم عبد الرحمان قيروش الملقب بـ 'باكو'، ضمن مجموعة ناس الغيوان، المرض والفقر المدقع والإهمال، حبا في الحياة والناس والأسطورة 'ناس الغيوان' التي أصابت طلقات مدفعيتها عمق الهدف في عمق تاريخ البلاد، المغرب.
ذهب الرجل عن عمر لا يتجاوز 64 سنة، وذهبت معه الآلة الكناوية النادرة 'البانجو' أو السانتير، وذهب الصوت الغنائي الخاص جدا والحضور الوازن على الخشبة والأنامل الأكثر ندرة في المغرب، والتي أتقنت مزجا فنيا متجذرا يسير نحو الزوال مع الاختفاء المتتالي لجواهر هذا العقد الفني الفريد... لؤلؤة بعد أخرى تتساقط كأوراق الشجر في الخريف وإن كان بعضها يناضل من أجل البقاء في صفوف 'المْعَلْمِين' والشباب العاشق لظاهرة 'تاكناويت' وأسطورة 'الغيوان' التي ظهرت بعدها مجموعات متشبعة بفكر هذه المدرسة الفنية وعطر هذه القارورة، فأغنت الساحة الفنية مباشرة بعد ستينيات القرن الماضي وصولا إلى قرن الثورات العربية.
رحل 'باكو'، على إيقاع نغمات حزينة شبيهة بتلك التي تصنعها آلته الخشبية التي فقدت عشيقها ورفيقها 'رقم واحد' ضمن جيله، بعدما رافقته في رحلته مع عمالقة الكلمة الوطنية الصادقة واللحن الدافئ الأخاذ والحياة المتذبذبة بين قصة عطاء موسيقي استثنائي تفاعل معه الجمهور بجوارحه كونه شكل خلاصة لهمومه وقصص حياته، وبين آلام تقاسمها 'باكو' مع 'عمر السيد'، المرحوم 'العربي باطما'، المرحوم 'بوجميع هاكور'، ' علال يعلا' وآخرون جاؤوا من رحم المسرح بالحي المحمدي، الأكثر شعبية وفقرا في العاصمة الاقتصادية للمغرب.
نشأ الراحل، وهو من مواليد مدينة الصويرة سنة 1948، في وسط كناوي تغذى بثقافته وتقاليده وعاداته الروحية التي طبع بها مجموعة ناس الغيوان في بداية عقد السبعينيات، حيث تعرف عليه الجمهور المغربي على نطاق واسع بعدما ظهر في بداية الأمر بين أعضاء مجموعة (جيل جيلالة)، ثم مع 'الغيوان'، عندما أكسب أغانيها روحانية فريدة عن طريق المزج بين مدرستين فرضتا مبادئهما، 'ناس الغيوان' المتبنية للأصوات الرافضة و'المختلفة' في تاريخ ما عرف في المغرب بـ 'سنوات الرصاص'، و'تاكناويت' العائمة في بحر الروحانيات التي شكلت سمة لأغاني من قبيل 'غير خذوني' و'مهمومة' و'نرجاك أنا' ومعشوقة المغاربة 'الصينية'، التي ستبقى راسخة في الذاكرة الجماعية لأجيال من المغاربة وفي الخزانة الفنية المغربية.
الذين عرفوا 'باكو' يؤكدون أنه تنقل بين 'جيل جيلالة' و'ناس الغيوان' ومجموعة أخرى 'كناوية' أسسها بمسقط رأسه بعد مغادرته المجموعتين الأولى والثانية، ليختار الابتعاد عن الأضواء والاستقرار بمدينة الرياح، الصويرة، قبل أن يتسلل إلى جسده المرض ليبدأ صراعا هو الأخطر في حياته، انتهى به إلى الغياب الأبدي جسدا لا روحا، وهو الذي أحبه جمهور عريض، ليترك الإرث مِلكا لنجله الذي حمل آلته 'الهجهوج'، سليلة فن كناوة وعمق إفريقيا الغابر.
ذهب 'المْعْلّم باكو' مهملا في حياته، فقيرا إلى ربه، دون أن يعلم ماذا فعل بأسطورة الغيوان التي تتغذى كل يوم بـ 'دراما رحيل بطل' ليس بعده آخر، 'الملعم باكو'، شُكرا لك في حياتك، شكرا لك في مماتك، ودُمتِ يا ناس الغيوان في الذاكرة تاريخا تتغنى به أصداء المستقبل وأسوار بلدنا المغرب، والعالم العربي، رغم هذا الغياب الكبير ستظلين أنت حية وراقية...
رحيل عبد الرحمان باكو.. أو عندما يضرب زلزال السماء نجما من نجوم الأرض في غفلة من الزمن والأمل، ومن المكان والناس، لينصب السؤال نفسه بحدة، ما مصير هذه المجموعة التي أسست لأسطورة من الحقيقة في ظل رحيل بعد رحيل؟
هدوء خبيث ذلك الذي سبق التحاقه بالرفيق الأعلى يوم تلقت عائلته وأصدقاءه ومحبيه الخبر الصادم، الأحد الماضي (14 أكتوبر 2012)، بعدما قاوم عبد الرحمان قيروش الملقب بـ 'باكو'، ضمن مجموعة ناس الغيوان، المرض والفقر المدقع والإهمال، حبا في الحياة والناس والأسطورة 'ناس الغيوان' التي أصابت طلقات مدفعيتها عمق الهدف في عمق تاريخ البلاد، المغرب.
ذهب الرجل عن عمر لا يتجاوز 64 سنة، وذهبت معه الآلة الكناوية النادرة 'البانجو' أو السانتير، وذهب الصوت الغنائي الخاص جدا والحضور الوازن على الخشبة والأنامل الأكثر ندرة في المغرب، والتي أتقنت مزجا فنيا متجذرا يسير نحو الزوال مع الاختفاء المتتالي لجواهر هذا العقد الفني الفريد... لؤلؤة بعد أخرى تتساقط كأوراق الشجر في الخريف وإن كان بعضها يناضل من أجل البقاء في صفوف 'المْعَلْمِين' والشباب العاشق لظاهرة 'تاكناويت' وأسطورة 'الغيوان' التي ظهرت بعدها مجموعات متشبعة بفكر هذه المدرسة الفنية وعطر هذه القارورة، فأغنت الساحة الفنية مباشرة بعد ستينيات القرن الماضي وصولا إلى قرن الثورات العربية.
رحل 'باكو'، على إيقاع نغمات حزينة شبيهة بتلك التي تصنعها آلته الخشبية التي فقدت عشيقها ورفيقها 'رقم واحد' ضمن جيله، بعدما رافقته في رحلته مع عمالقة الكلمة الوطنية الصادقة واللحن الدافئ الأخاذ والحياة المتذبذبة بين قصة عطاء موسيقي استثنائي تفاعل معه الجمهور بجوارحه كونه شكل خلاصة لهمومه وقصص حياته، وبين آلام تقاسمها 'باكو' مع 'عمر السيد'، المرحوم 'العربي باطما'، المرحوم 'بوجميع هاكور'، ' علال يعلا' وآخرون جاؤوا من رحم المسرح بالحي المحمدي، الأكثر شعبية وفقرا في العاصمة الاقتصادية للمغرب.
نشأ الراحل، وهو من مواليد مدينة الصويرة سنة 1948، في وسط كناوي تغذى بثقافته وتقاليده وعاداته الروحية التي طبع بها مجموعة ناس الغيوان في بداية عقد السبعينيات، حيث تعرف عليه الجمهور المغربي على نطاق واسع بعدما ظهر في بداية الأمر بين أعضاء مجموعة (جيل جيلالة)، ثم مع 'الغيوان'، عندما أكسب أغانيها روحانية فريدة عن طريق المزج بين مدرستين فرضتا مبادئهما، 'ناس الغيوان' المتبنية للأصوات الرافضة و'المختلفة' في تاريخ ما عرف في المغرب بـ 'سنوات الرصاص'، و'تاكناويت' العائمة في بحر الروحانيات التي شكلت سمة لأغاني من قبيل 'غير خذوني' و'مهمومة' و'نرجاك أنا' ومعشوقة المغاربة 'الصينية'، التي ستبقى راسخة في الذاكرة الجماعية لأجيال من المغاربة وفي الخزانة الفنية المغربية.
الذين عرفوا 'باكو' يؤكدون أنه تنقل بين 'جيل جيلالة' و'ناس الغيوان' ومجموعة أخرى 'كناوية' أسسها بمسقط رأسه بعد مغادرته المجموعتين الأولى والثانية، ليختار الابتعاد عن الأضواء والاستقرار بمدينة الرياح، الصويرة، قبل أن يتسلل إلى جسده المرض ليبدأ صراعا هو الأخطر في حياته، انتهى به إلى الغياب الأبدي جسدا لا روحا، وهو الذي أحبه جمهور عريض، ليترك الإرث مِلكا لنجله الذي حمل آلته 'الهجهوج'، سليلة فن كناوة وعمق إفريقيا الغابر.
ذهب 'المْعْلّم باكو' مهملا في حياته، فقيرا إلى ربه، دون أن يعلم ماذا فعل بأسطورة الغيوان التي تتغذى كل يوم بـ 'دراما رحيل بطل' ليس بعده آخر، 'الملعم باكو'، شُكرا لك في حياتك، شكرا لك في مماتك، ودُمتِ يا ناس الغيوان في الذاكرة تاريخا تتغنى به أصداء المستقبل وأسوار بلدنا المغرب، والعالم العربي، رغم هذا الغياب الكبير ستظلين أنت حية وراقية...
رحيل عبد الرحمان باكو.. أو عندما يضرب زلزال السماء نجما من نجوم الأرض في غفلة من الزمن والأمل، ومن المكان والناس، لينصب السؤال نفسه بحدة، ما مصير هذه المجموعة التي أسست لأسطورة من الحقيقة في ظل رحيل بعد رحيل؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق