المعارك
والمواجهات في تونس مستمرة، بل تتكثف وتتصاعد هذه الايام. فهناك معارك
سياسية واخرى اعلامية وثالثة قضائية، ورابعة دستورية، الامر الذي يكشف مدى
حيوية التجربة الديمقراطية التونسية في هذه المرحلة الانتقالية الحرجة.
المعارك السياسية خاصة بين حزب النهضة بزعامة الشيخ راشد الغنوشي، وتكتل نداء تونس بقيادة الباجي قائد السبسي رئيس الوزراء الاسبق ملتهبة، وتشكل محور اهتمام الرأي العام التونسي، ولكن معركة قضائية تجري حاليا تتمحور حول تسليم السيد البغدادي المحمودي رئيس وزراء ليبيا الاسبق الى حكومة طرابلس تستحوذ على اهتمام النخبة السياسية والشارع التونسي بشكل عام لدلالاتها السياسية والانسانية.
القصة بدأت عندما اعتقلت قوات امن الحكومة التونسية المؤقتة السيد المحمودي الذي هرب الى تونس وطلب اللجوء السياسي فيها قبيل سقوط نظام العقيد معمر القذافي بعد ان فشلت خطته في الذهاب الى الجزائر. فقررت هذه الحكومة برئاسة حمادي الجبالي امين عام حزب النهضة تسليمه الى ليبيا ودون التشاور مع رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي الذي طعن بدستورية قرار التسليم هذا باعتباره، اي التسليم او عدمه هو من صلاحيات رئيس الجمهورية، ورأى فيه تعديا على صلاحياته الدستورية التي تنص على ضرورة توقيعه على اي قرار بالتسليم.
السيد الجبالي جادل بان قرار التسليم قانوني، ولكن منظمات حقوق الانسان احتجت على القرار وايدها العديد من المحامين والقانونيين، ليس فقط لمعارضتهم التسليم من حيث المبدأ، وانما لعدم وجود مؤسسة قضائية مستقلة في ليبيا تتوفر فيها معايير العدالة، او بالاحرى الحد الادنى منها، حيث تسيطر الميليشيات المسلحة على اجزاء عديدة من البلاد، وتفشي النزعة الانتقامية لدى العديد من قياداتها.
القاضي في المحكمة الادارية احمد صواب الذي احيلت اليه قضية الطعن في التسليم من قبل رئيس الجمهورية، صرح لمحطة 'موزاييك' التونسية ان المحكمة تتجه لاقرار بطلان قرار التسليم في الايام القليلة المقبلة، الامر الذي سيشكل ضربة قوية للحكومة وتعزيزا لموقف رئيس الجمهورية ومنظمات حقوق الانسان الاجنبية والتونسية على حد سواء.
الحكومة التونسية تعرضت الى ضغوط قوية للاقدام على خطوة تسليم السيد المحمودي، من قبل السلطات الليبية اولا، ومن قبل احتياجات الشارع التونسي ومتطلبات الوضع الاقتصادي المتأزم ثانيا.
رضوخ هذه الحكومة للضغوط، وتسليمها للمحمودي هز العلاقة بين ضلعي الترويكا الحاكمة في تونس، اي حزب المؤتمر الذي يتزعمه الرئيس المرزوقي، وحزب النهضة صاحب الاغلبية في المجلس التأسيسي والعمود الفقري للحكومة الحالية.
والاخطر من ذلك ان تونس لم تجن الا الشوك مقابل عملية التسليم هذه، فالغالبية الساحقة من وعود الحكومة الليبية بدعم الاقتصاد التونسي، وفتح اسواق العمل للعمالة التونسية لتخفيف حدة البطالة (مليون عاطل تقريبا) لم تترجم عمليا.
الحكومة التونسية كوفئت على تسليمها للمحمودي بتصدير الكثير من القلاقل والاضطرابات والجماعات المتشددة وتهريب اسلحة عبر الحدود بين البلدين.
شخصية كبرى مقربة من حزب النهضة قالت لهذه الصحيفة ان تونس لم تجن غير الحصرم والشوك من الشقيقة ليبيا، ولم تستفد مليما واحدا من نظام طرابلس في تعبير واضح عن الندم على التسرع في عملية تسليم السيد المحمودي، ولكن ماذا ينفع الندم؟
Twier: @abdelbariatwan
المعارك السياسية خاصة بين حزب النهضة بزعامة الشيخ راشد الغنوشي، وتكتل نداء تونس بقيادة الباجي قائد السبسي رئيس الوزراء الاسبق ملتهبة، وتشكل محور اهتمام الرأي العام التونسي، ولكن معركة قضائية تجري حاليا تتمحور حول تسليم السيد البغدادي المحمودي رئيس وزراء ليبيا الاسبق الى حكومة طرابلس تستحوذ على اهتمام النخبة السياسية والشارع التونسي بشكل عام لدلالاتها السياسية والانسانية.
القصة بدأت عندما اعتقلت قوات امن الحكومة التونسية المؤقتة السيد المحمودي الذي هرب الى تونس وطلب اللجوء السياسي فيها قبيل سقوط نظام العقيد معمر القذافي بعد ان فشلت خطته في الذهاب الى الجزائر. فقررت هذه الحكومة برئاسة حمادي الجبالي امين عام حزب النهضة تسليمه الى ليبيا ودون التشاور مع رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي الذي طعن بدستورية قرار التسليم هذا باعتباره، اي التسليم او عدمه هو من صلاحيات رئيس الجمهورية، ورأى فيه تعديا على صلاحياته الدستورية التي تنص على ضرورة توقيعه على اي قرار بالتسليم.
السيد الجبالي جادل بان قرار التسليم قانوني، ولكن منظمات حقوق الانسان احتجت على القرار وايدها العديد من المحامين والقانونيين، ليس فقط لمعارضتهم التسليم من حيث المبدأ، وانما لعدم وجود مؤسسة قضائية مستقلة في ليبيا تتوفر فيها معايير العدالة، او بالاحرى الحد الادنى منها، حيث تسيطر الميليشيات المسلحة على اجزاء عديدة من البلاد، وتفشي النزعة الانتقامية لدى العديد من قياداتها.
القاضي في المحكمة الادارية احمد صواب الذي احيلت اليه قضية الطعن في التسليم من قبل رئيس الجمهورية، صرح لمحطة 'موزاييك' التونسية ان المحكمة تتجه لاقرار بطلان قرار التسليم في الايام القليلة المقبلة، الامر الذي سيشكل ضربة قوية للحكومة وتعزيزا لموقف رئيس الجمهورية ومنظمات حقوق الانسان الاجنبية والتونسية على حد سواء.
الحكومة التونسية تعرضت الى ضغوط قوية للاقدام على خطوة تسليم السيد المحمودي، من قبل السلطات الليبية اولا، ومن قبل احتياجات الشارع التونسي ومتطلبات الوضع الاقتصادي المتأزم ثانيا.
رضوخ هذه الحكومة للضغوط، وتسليمها للمحمودي هز العلاقة بين ضلعي الترويكا الحاكمة في تونس، اي حزب المؤتمر الذي يتزعمه الرئيس المرزوقي، وحزب النهضة صاحب الاغلبية في المجلس التأسيسي والعمود الفقري للحكومة الحالية.
والاخطر من ذلك ان تونس لم تجن الا الشوك مقابل عملية التسليم هذه، فالغالبية الساحقة من وعود الحكومة الليبية بدعم الاقتصاد التونسي، وفتح اسواق العمل للعمالة التونسية لتخفيف حدة البطالة (مليون عاطل تقريبا) لم تترجم عمليا.
الحكومة التونسية كوفئت على تسليمها للمحمودي بتصدير الكثير من القلاقل والاضطرابات والجماعات المتشددة وتهريب اسلحة عبر الحدود بين البلدين.
شخصية كبرى مقربة من حزب النهضة قالت لهذه الصحيفة ان تونس لم تجن غير الحصرم والشوك من الشقيقة ليبيا، ولم تستفد مليما واحدا من نظام طرابلس في تعبير واضح عن الندم على التسرع في عملية تسليم السيد المحمودي، ولكن ماذا ينفع الندم؟
Twier: @abdelbariatwan
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق