تنشط جماعات متشدّدة في الطيف الإسلامي في شبه جزيرة سيناء، التي تتساوى
في المساحة مع إيرلندا، لكن يعيش فيها أقلّ من مليون شخص، وذلك على الرغم
من دخول التيار الإسلامي، الذي ظلّ محظوراً لفترة طويلة، في المشهد السياسي
المصري، حيث يهيمن الآن على البرلمان ويستعدّ لتشكيل حكومة جديدة. ويفرض
إسلاميون متشدّدون سلطتهم في بلدات ما زالت مراكز الشرطة فيها مهجورة منذ
الثورة، ويروّجون تفسيراً أكثر تشدّداً للإسلام . ويلقي
باللائمة على متشدّدين في تفجير ضريح للصوفيين العام الماضي. وهذه الهجمات
مألوفة بشكل أكبر في دول مثل باكستان.
وعلى الرغم من أن بعض المتشدّدين يبدو
أنهم يستلهمون فكر تنظيم القاعدة، ولكن ليس هناك من نشاط للتنظيم في شبه
جزيرة سيناء، إلا أنه مع مرور الوقت ومع سعي الدولة المصرية لفرض سلطتها،
يبدو أن هناك خطراً متنامياً من احتمال تنظيم الجماعات المتشدّدة في سيناء
صفوفها بشكل أكثر وثوقاً مع التنظيم العالمي المتطرّف الذي أصبح المصري
أيمن الظواهري زعيمه.
ودفعت مصر ثمناً من اقتصادها بسبب حالة
الانفلات الأمني في سيناء، بعدما تّم تفجير خط أنابيب ينقل الغاز الطبيعي
شرقاً إلى الأردن وإسرائيل 13 مرّة خلال العام الماضي. وهناك مخاوف من
تفاقم الأضرار الاقتصادية إذا استمرّت هذه الحالة. والمنتجعات المطلّة على
البحر الأحمر في محافظة جنوبي سيناء واحدة من الأرصدة الحيوية للسياحة في
مصر، والتي يعمل فيها واحد من بين كل ثمانية مصريين. وقد تتضرّر السياحة في
هذه المنطقة كثيراً بسبب انعدام الأمن بشكل أكبر. وحتى الآن يقتصر نفوذ
الإسلاميين المتشدّدين غالباً على بلدات فقيرة . وتطلق إحدى
الجماعات في سيناء على نفسها اسم «التوحيد والجهاد»، وهو الاسم الذي كان يستخدمه جناح تنظيم القاعدة في
العراق في بادئ الأمر. ويلقى باللوم على الجماعة في هجمات عامي 2004 و2005،
واتّهمت العام الماضي بشنّ هجوم على مركز للشرطة في بلدة العريش قتل فيه
خمسة من قوّات الأمن. ومن الجماعات المتشدّدة الأخرى في سيناء «جماعة التكفير والهجرة» وهو اسم
تردّد لأول مرّة في مصر في الستينيات من القرن العشرين، عندما وجدت جماعات
في مصر أرضاً خصبة لأفكار إسلامية متشدّدة تخطّت الحدود، وأيّدت القاعدة
وغيرها أيدي?لوجياً. ولا شك في أن إهمال الدولة وانهيار الهياكل التقليدية
للسلطة القبلية سمحا بانتشار نفوذ المتشدّدين. وجنوبي سيناء يختلف عن
المنطقة الشمالية منها. ويعيش البدو في المنطقة الجنوبية الجبلية المطلّة
على البحر الأحمر حياة بدوية تختلف عن الحضر في الشمال الذي سكن فيه الكثير
في بلدات على طول ساحل البحر المتوسّط، واختلطوا مع مصريين من الوادي
وأجانب كذلك من غزّة. لكن البدو في جنوبي سيناء منعزلون أيضاً بسبب سنوات
من إهمال الدولة وقمعها لهم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق